فخرج إليه الوجوه وأكرمهم ودس خادم الحكم كتابه إلى عمروس بالحيلة على أهل طليطلة فأشار عليهم عمروس بأن يدخلوا عبد الرحمن البلد وأنزله بداره واتخذ صنيعا للناس واستعد له؟؟ على موعد لذلك فكان يدخلهم من باب ويخرجهم من آخر خشية الزحام فيدخلون إلى حفرة في القصر وتضرب رقابهم عليها إلى أن قتل معظمهم وفطن الباقون فنفروا وحسنت طاعتهم من بعد ذلك إلى أبام الفتنة كما نذكر ثم عصى اصبغ بن عبد الله بماردة وأخرج عامل الحكم فسار إليه الحكم وحاصره وجاءه الخبر بعصيان أهل قرطبة فرجع وقتلهم ثم استنزل أصبغ من بعد ذلك وأنزله قرطبة وفى سنة ثنتين وتسعين جمع لزريق بن قار له ملك الفرنج وسار لحصار طرسوسة فبعث الحكم ابنه عبد الرحمن في العساكر فهزمه وفتح الله على المسلمين ثم عاود أهل ماردة الخلاف عن الحكم سنة أربع وتسعين فسار إليهم وقاتلهم ثلاث سنين وكثر عيث الفرنج في الثغور فسار إليهم سنة ست وتسعين فافتتح الحصون وخرب النواحي وأثخن في القتل والسبي والنهب وعاد إلى قرطبة ظافرا وفى سنة مائتين بعث الحكم العساكر مع الحاجب عبد الكريم بن مغيث إلى بلاد الفرنج فسار فيها وخربها ونهبها وهدم عدة من حصونها وأقبل إليه ملك الجلالقة في جموع عظيمة وتنازلوا على نهر واقتتلوا عليه أياما ونال المسلمون منهم أعظم النيل وأقاموا على ذلك ثلاث عشرة ليلة ثم كثرت الأمطار ومد النهر وقفل المسلمون ظافرين * (وفاة الحكم وولاية ابنه عبد الرحمن الأوسط) * ثم توفى الحكم بن هشام آخر سنة ست ومائتين لسبع وعشرين سنة من ولايته وهو أول من جند بالأندلس الأجناد والمرتزقة وجمع الأسلحة والعدد واستكثر من الحشم والحواشي وارتبط الخيول على بابه واتخذ المماليك وكان يسميهم الخرس لعجمتهم وبلغت عدتهم خمسة آلاف وكان يباشر الامر بنفسه وكانت له عيون يطالعونه بأحوال الناس وكان يقرب الفقهاء والعلماء والصالحين وهو الذي وطأ الملك لعقبه بالأندلس ولما مات قام بأمره من بعده ابنه عبد الرحمن فخرج عليه لأول امارته عبد الله البلنسي عم أبيه وسار إلى تدمير بريد قرطبة فتجهز له عبد الرحمن فحام عن اللقاء ورجع إلى بلنسية ومات اثر ذلك فنقل عبد الرحمن ولده وأهله إلى قرطبة ثم غز الأول ولايته إلى جليقة فأبعد وأطال الغيبة وأثخن في أمم النصرانية هنالك ورجع وقدم عليه سنة ست ومائتين من العراق زرآب المغنى مولى المهدى ومعلم إبراهيم الموصلي واسمه علي بن نافع فركب لتلقيه وبالغ في اكرامه وأقام عنده بخير حال وأورث صناعة الغناء بالأندلس وخلف ولده مخلفة كبيرهم عبد الرحمن في صناعته وحظوته وفى سنة سبع كانت وقعة بالثغر
(١٢٧)