سوسة في جمادى الآخرة من سنته وبها عسكر القائم وتوفى القائم وهو بمكانه من حصارها * (وفاة القائم وولاية ابنه المنصور) * ثم توفى القائم أبو القاسم محمد بن عبيد الله المهدى صاحب إفريقية بعد أن عهد إلى ولده إسماعيل بعده وتلقب بالمنصور وكتم موت أبيه حذرا أن يطلع عليه أبو يزيد وهو بمكانه من حصار سوسة فلم يسم بالخليفة ولا غير السكة ولا الخطبة ولا البنود إلى أن فرغ من أمر أبى يزيد كما يذكر * (بقية أخبار أبى يزيد ومقتله) * ولما مات القائم كان أبو يزيد محاصر السوسة كما تقدم وقد وجهد أهلها الحصار فلما ولى إسماعيل المنصور وكان أول عمله أن بعث الأساطيل من المهدية إلى سوسة مشحونة بالمدد من المقاتلة والأمتعة والميرة مع رشيق الكاتب ويعقوب بن إسحاق وخرج بنفسه في أثرهم وأشار أصحابه بالرجوع فرجع ووصل الأسطول إلى سوسة وخرجوا لقتال أبى يزيد وعساكر سوسة معهم فانهزم أبو يزيد واستبيح معسكره نهبا واحراقا ولحق بالقيروان فمنعه أهلها من الدخول وثاروا بعامله فخرج إليه ورحل إلى سبيبة وذلك أواخر شوال سنة أربع وجاء المنصور إلى القيروان وأمن أهلها وأبقى على حرم أبى يزيد وأولاده وأجرى عليهم الرزق وخرجت سرية من عسكر المنصور لاستكشاف خبر أبي يزيد وجاءت أخرى من عسكر أبى يزيد لمثل ذلك فالتقوا وانهزمت سرية المنصور فقوى أبو يزيد بذلك وكثر جمعه وعاد فقاتل القيروان وخندق المنصور على عسكره وقاتلهم أبو يزيد فكان الظفر أول يوم للمنصور ثم قاتلهم ثانيا فانهزموا وثبت المنصور وراجع أصحابه من طريق المهدية وسوسة ولما رأى أبو يزيد امتناعهم عليه رحل أواخر ذي القعدة ثم رجع فقاتلهم وكانت الحرب سجالا وبعث السرايا إلى طريق المهدية وسوسة نكاية فيهم وبعث إلى المنصور في حرمه وأولاده فبعثهم إليه بعد أن وصلهم وقد كان قسم على الرحيل فلما وصلوا إليه نكث وقاتلهم خامس المحرم سنة خمس وثلاثين فهزمهم ثم عبى المنصور عساكره منتصف المحرم وجعل البرابر في الميمنة وكتامة في الميسرة وهو وأصحابه في القلب وحمل أبو يزيد على الميمنة فهزمها ثم على القلب فلقيه المنصور واشتد القتال ثم حملوا عليه حملة رجل واحد فانهزم وأسلم أثقاله وعسكره وقتل خلق من أصحابه وبلغت رؤس القتلى الذي في أيدي صبيان القيروان عشرة آلاف ومضى أبو يزيد لوجهه ومر بباغاية فمنعه أهلها من الدخول
(٤٣)