وفى سنة ثلاث وخمسين وثلثمائة خرج الدمشق في جموع الروم فنازل المصيصة وشد حصارها وأحرق رساتيقها وبلغ إلى نقب السور فدافعه أهلها أشد مدافعتهم ثم رحل إلى أذنة وطرسوس وطال عيثه في نواحيها وأكثر القتل في المسلمين وغلت الأسعار في البلاد وقلت الأقوات وعاود مرض سيف الدولة فمنعه من النهوض إليهم وجاء من خراسان خمسة آلاف رجل غزاة فبلغوا إلى سيف الدولة فارتحل بسببهم للمدافعة فوجد الروم انصرفوا ففرق هؤلاء الغزاة في الثغور من أجل الغلاء وكان الروم قد انصرفوا بعد خمسة عشر يوما وبعث الدمشق إلى أهل المصيصة وأذنة وطرسوس يتهددهم بالعود ويأمرهم بالرحيل من البلاد ثم عاد إليهم وحاصر طرسوس فقاتلهم أشد قتال وأسروا بطريقا من بطارقته وسقط الدمشق إلى أهل المصيصة ورجعوا إلى بلادهم ثم سار يعفور ملك الروم من القسطنطينية سنة أربع وخمسين إلى الثغور وبنى بقيسارية مدينة ونزلها وجهز عليها العساكر وبعث أهل المصيصة وطرسوس في الصلح فامتنع وسار بنفسه إلى المصيصة فدخلها عنوة واستباحها ونقل أهلها إلى بلاد الروم وكانوا نحوا من مائتي ألف ثم سار إلى طرسوس واستنزل أهلها على الأمان وعلى أن يحملوا من أموالهم وسلاحهم ما قدروا عليه وبعث معهم حامية من الروم يبلغونهم أنطاكية وأخذ في عمارة طرسوس وتحصينها وجلب الميرة إليها ثم عاد إلى القسطنطينية وأراد الدمشق بن شمسيق ان يقصد سيف الدولة في ميافارقين ومنعه الملك من ذلك * (انتقاض أهل أنطاكية وحمص) * ولما استولى الروم على طرسوس لحق الرشيق النعيمي من قوادهم وأولى الرأي فيهم بأنطاكية في عدد وقوة فاتصل به ابن أبي الأهوازي من الجباة بأنطاكية وحسن له العصيان وأراه أن سيف الدولة بميافارقين عاجز عن العود إلى الشأم بما هو فيه من الزمانة وأعانه بما كان عنده من مال الجباة فأجمع رشيق الانتقاض وملك أنطاكية وسار إلى حلب وبها عرقوبة وجاء الخبر إلى سيف الدولة بأن رشيقا جمع الانتقاض ونجا ابن الأهواز إلى أنطاكية فأقام في امارتها رجلا من الديلم اسمه وزير ولقبه الأمير وأوهم أنه علوي وتسمى هو بالاشاد وأساء السيرة في أهل أنطاكية وقصدهم عرقوبة من حلب فهزموه ثم جاء سيف الدولة من ميافارقين إلى حلب وخرج إلى أنطاكية وقاتل وزيرا وابن الأهوازي أياما وجئ بهما إليه أسيرين فقتل وزير أو حبس ابن الأهوازي أياما وقتله وصلح أمر أنطاكية ثم ثار بحمص مروان القرمطي كان من متابعة القرامطة وكان يتقلد السواهل لسيف الدولة فلما تمكن ثار بحمص فملكها وملك غيرها في غيبة سيف الدولة بميافارقين وبعث إليه عرقوبة مولاه بدرا بالعساكر
(٢٤١)