وهربوا إلى ظاهر البلد ومعهم ناصر الدولة وقاتل أولياء المستنصر فهزمهم وملك الإسكندرية ودمياط وقطع الخطبة منهما ومن سائر الريف للمستنصر وراسل الخليفة العباسي ببغداد وافترق الناس من القاهرة ثم صالح المستنصر ودخل القاهرة واستبد عليه وصادر أمه على خمسين ألف دينار وافترق عنه أولاده وكثير من أهله في البلاد ودس المستنصر لقواد الأتراك بأنه يحول الدعوة فامتعضوا لذلك وقصدوه في بيته وهو آمن منهم فلما خرج إليهم تناولوه بسيوفهم حتى قتلوه وجاؤا برأسه ومروا على أخيه في بيته فقطعوا رأسه وأتوا بهما جميعا إلى المستنصر وذلك سنة خمس وستين وولى عليهم الذكر منهم وقام بأمر الدولة.
* (استيلاء بدر الجمالي على الدولة) * أصل بدر هذا من الأرمن من صنائع الدولة بمصر ومواليها وكان حاجبا لصاحب دمشق واستكفاه فيما وراء بابه ثم مات صاحب دمشق فقام بالأمور إلى أن وصل الأمير على دمشق وهو ابن منير فسار هو إلى مصر وترقى في الولايات إلى أن ولى عكا وظهر منه كفاية واضطلاع ولما وقع بالمستنصر ما وقع من استيلاء الترك عليه والفساد والتضييق استقدم بدر الجمالي لولاية الأمور بالحضرة فاستأذن في الاستكثار من الجند لقهر من تغلب من جند مصر فاذن له في ذلك وركب البحر من عكا في عشرة مراكب ومعه جند كثيف من الأرمن وغيرهم فوصل إلى مصر وحضر عند الخليفة فولاه ما وراء بابه وخلع عليه بالعقد المنظوم بالجوهر مكان الطوق ولقبه بالسيد الاجل أمير الجيوش مثل والى دمشق وأضيف إلى ذلك كافل قضاة المسلمين وداعي دعاة المؤمنين ورتب الوزارة وزاده سيفه ورد الأمور كلها إليه ومنه إلى الخليفة وعاهده الخليفة على ذلك وجعل إليه ولاية الدعاة والقضاة وكان مبالغا في مذهب الإمامية فقام بالأمور واسترد ما كان تغلب عليه أهل النواحي مثل ابن عمار بطرابلس وابن معرف بعسقلان وبنى عقيل بصور ثم استرد من القواد والأمراء بمصر جميع ما أخذوه أيام الفتنة من المستنصر من الأموال والأمتعة وسار إلى دمياط وقد تغلب عليها جماعة من المفسدين من العرب وغيرهم فأثخن في لواتة بالقتل والنهب في الرجال والنساء وسبى نساءهم وغنم خيولهم ثم سار إلى جهينة؟؟ ومعهم قوم من بني جعفر فلقيهم على طرخ العليا سنة تسع وستين فهزمهم وأثخن فيهم وغنم أموالهم ثم سار إلى أسواز وقد تغلب عليها كنز الدولة محمد فقتله وملكها وأحسن إلى الرعايا ونظم حالهم وأسقط عنهم الخراج ثلاث سنين وعادت الدولة إلى أحسن ما كانت عليه.