السلطان في قومهم وتغص بهم الدولة فينزعون إلى الأندلس مغنين بها من بأسهم وشوكتهم في المدافعة عن المسلمين ويخلصون من ذلك على حظ من الدولة بمكان ولم يزل الشأن هذا إلى أن هلك محمد بن يوسف بن الأحمر سنة احدى وسبعين وستمائة وقام بأمره من بعده ابنه محمد وكان يعرف بالفقيه لما كان يقرأ الكتاب من بين أهل بيته ويطالع كتب العلم وكان أبوه الشيخ أوصاه باستصراخ ملوك زناتة من بني مرين الدائلين بالمغرب من الموحدين وأن يوثق عهد مبهم ويحكى أراضي سلطانه بمداخلتهم فأجاز محمد الفقيه ابن الأحمر إلى يعقوب بن عبد الحق سلطان بنى مرين سنة ثنتين وسبعين وستمائة عندما تم استيلاؤه على بلاد المغرب وتغلبه على مراكش وافتقاده سرير ملك الموحدين بها فأجاب صريخه وأجاز عساكر المسلمين من بني مرين وغيرهم إلى الجهاد مع ابنه منديل ثم جاء على أثرهم وأمكنه ابن هشام بن الجزيرة الخضراء كان ثائرا بها فتسلمها منه ونزل بها وجعلها ركابا لجهاده وينزل بها جيش الغزو ولما أجاز سنة ثنتين وسبعين كما قلناه هزم زعيم النصرانية ثم حذره ابن الأحمر على ملكه فداخل الطاغية ثم حذر الطاغية فراجعه وهو مع ذلك يده في نحره بشوكة الاعياص الدين نزعوا إليه من بني مرين بما شاركوا صاحب المغرب من نسب ملكه وقاسموه في يعسوبية قبيلته فكان له بذلك مدفع عن نفسه ومرض في طاعة قرابته من بني اشقيلولة كان عبد الله منهم بمالقة وعلى بوادي آش وإبراهيم بحصن قمارش فالتاثوا عليه وداخلوا يعقوب بن عبد الحق سلطان بن مرين في المظاهرة عليه فكان له معهم فتنة وأمكنوا يعقوب بن الثغور التي بأيديهم مالقة ووادي آش حتى استخلصها هذا السلطان الفقيه من بعد ذلك كما نذكره في أخبار بنى مرين مع بنى الأحمر وصار بنو اشقيلولة آخرا وقرابتهم بنى الزرقاء إلى المغرب ونزلوا على يعقوب بن عبد الحق وأكرم مثواهم وأقطعهم واستعملهم في كبير الخطط للدولة حسبما يذكر واستبد السلطان الفقيه ابن الأحمر بملك ما بقي من الأندلس وأورثه عقبه من غير قبيل ولا كثير عصبة ولا استكثار من الحامية الا من يأخذه الجلاء من فحول زناتة وأعياص الملك فينزلون بهم غزى ولهم عليهم عزة وتغلب وسبب ذلك ما قدمناه في الكتاب الأول من افقاد القبائل والعصائب بأرض الأندلس جملة فلا تحتاج الدولة هنالك إلى كبير عصبية وكان للسلطان ابن الأحمر في أول أمره عصبية من قرابته بنى نصر وأصهارهم بنى اشقيلولة وبنى المولى ومن تبعهم من الموالى والمصطنعين كانت كافية في الامر من أوله مع معاضدة الطاغية على ابن هود وثوار الأندلس ومعاضدة ملك المغرب على الطاغية والاستظهار بالاعياص على ملك المغرب فكان لهم بذلك كله اقتدار على بلوغ أمرهم وتمهيده وربما يفهم
(١٧٢)