فأغراه كل واحد منهم بالآخرين ثم اجتمعوا لحربه وزحف إليه أهل بليرم في البحر فهزمهم واستباحهم وبعث جماعة من وجوهها إلى أبيه وفر آخرون من أعيانهم إلى القسطنطينية وآخرون إلى طرميس فاتبعهم وعاث في نواحيها ثم حاصر أهل قطانية فامتنعا عليه فأعرض عن قتال المسلمين وتجهز سنة ثمان وثمانين للغزو فغزا دمقش ثم مسينى ثم جاء في البحر إلى ربو ففتحها عنوة وشحن مراكبه بغنائمها ورجع إلى مسينى فهدم سورها وجاء مدد القسطنطينية في المراكب فهزمهم وأخذ لهم ثلاثين مركبا ثم أجاز إلى عدوة الروم وأوقع بأمم الفرنجة من وراء الحبر ورجع إلى صقلية وجاء في هذه السنة رسول المعتضد بعزل الأمير إبراهيم لشكوى أهل تونس به فاستقدم ابنه أبا العباس من صقلية وارتحل هو إليها مظهر الغربة الانتجاع هكذا قال ابن لرقيق وذكر أنه كان جائرا ظلوما سفاكا للدماء وانه أصابه آخر عمره ماليخوليا أسرف بسببها في القتل فقتل من خدمه ونسائه وبنائه ما لا يحصى وقتل ابنه أبا الأغلب لظن ظنه به وافتقد ذات يوم منديلا لشرابه فقتل بسببه ثلثمائة خادم واما ابن الأثير فاثنى عليه بالعقل والعدل وحسن السيرة وذكر أن فتح سرقوسة كان في أيامه على يد جعفر بن محمد أمير صقلية وأنه حاصرها تسعة أشهر وجاءهم المدد من قسطنطينية في البحر فهزمهم ثم فتح البلد واستباحها واتفقوا كلهم على أنه ركب البحر من إفريقية إلى صقلية فنزل طرابنة ثم تحول عنها إلى بليرم ونزل على دمشق وحاصرها سبعة عشر يوما ثم فتح مسينى وهدم سورها ثم فتح طرميس آخر شعبان من سنة تسع وثمانين ووصل ملك الروم بالقسطنطينية ففتحها ثم بعث حافده زيادة الله ابن ابنه أبى العباس عبد الله إلى قلعة بيقش فافتتحها وابنه أبو محرز إلى رمطة فأعطوه الجزية ثم عبر إلى عدوة البحر وسار في بر الفرنج ودخل قلورية عنوة فقتل وسبى ورهب منه الفرنجة ثم رجع إلى صقلية ورغب منه النصارى في قبول الجزية فلم يجب إلى ذلك ثم سار إلى كنسة فحاصرها واستأمنوا إليه فلم يقبل ثم هلك وهو محاصر لها آخر تسع وثمانين لثمان وعشرين سنة من امارته فولى أهل العسكر عليهم حافده أبا مضر ليحفظ العساكر والأمور إلى أن يصل ابنه أبو العباس وهو يومئذ بإفريقية فأمن أهل كنسة قبل أن يعلموا بموت جده وقبل منهم الجزية وأقام قليلا حتى تلاحقت به السرايا من النواحي ثم ارتحل وحمل جده إبراهيم فدفنه في بليرم وقال ابن الأثير حمله إلى القيروان فدفنه بها * (ظهور الشيعي بكتامة) * وفى أيامه ظهر أبو عبد الله الشيعي بكتامة يدعو للرضا من آل محمد ويبطن الدعوة لعبيد الله المهدى من أبناء إسماعيل الامام واتبعه كتامة وهو من الأسباب التي دعته
(٢٠٤)