بلاد ما وراء النهر سنة احدى وثلاثين وخمسمائة ولقيهم محمود خان ابن أرسلان خان فهزموه إلى سمرقند وبخارا واستنجد بالسلطان سنجر ودعاه لنصر المسلمين فجمع العساكر واستنجد صاحب سجستان ابن خلف والغوري صاحب غزنة وملوك ما وراء النهر وغيرهم وسار للقائهم وعبر لنهر في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين وشكا إليه محمود من القارغلية فأراد أخذهم فهربوا إلى كوخان وسألوه أن يشفع لهم عند السلطان سنجر وكتب إليه يشفع لهم فلم يشفعه وكتب إليه يدعوه إلى الاسلام ويتهدده ولما بلغ الكتاب إلى كوخان عاقب الرسول وسار للقاء سنجر في أمم الترك والخطأ والقارغلية فلقيه السلطان سنجر أول صفر سنة ست وعلى ميمنته قماج وعلى ميسرته صاحب سجستان وأبلى ذلك اليوم وساء أثر القارغلية في تلك الحرب وانهزم السلطان سنجر والمسلمون واستمر القتل فيهم وأسر صاحب سجستان والأمير قماج وزوجة السلطان ابنة أرسلان خان محمد وأطلقهم الكفار ولم يكن في الاسلام وقعة أعظم من هذه ولا أفحش قتلا واستقرت الدولة فيما وراء النهر للخطا والترك وهم يومئذ على دين الكفر وانقرضت دولة الخانية المسلمين الذين كانوا فيها ثم هلك كوخان منتصف سبع وثلاثين وكان جميلا حسن الصوت ويلبس الحرير الصيني وكان له هيبة على أصحابه ولا يقطع أحدا منهم خوفا على الرعية من العسف ولا يقدم أميرا على فوق مائة فارس خشية أن تحدثه نفسه بالعصيان وينهى عن الظلم وعن السكر ويعاقب عليه ولا ينهى عن الزنا ولا يقبحه ولما مات ملكت بعده ابنته وماتت قريبا فملكت بعدها أمها زوجة كوخان وبقي ما وراء النهر بيد الخطأ إلى أن غلبهم عليه علاء الدين محمد بن خوارزم شاه صاحب دولة الخوارزمية سنة ثنتي عشرة وستمائة على ما يأتي في أخبار دولتهم * (اجلاء القارغلية من وراء النهر) * لما ملك ما وراء النهر سمرقند وبخاري جقرى خان ابن حسين تكين من بيت الخانية وأمره سنة تسع وخمسين باجلاء الترك القارغلية من أعمال بخارا وسمرقند إلى كاشغر والزامهم الفلاحة ومجانبة حمل السلاح فامتنعوا من ذلك وألخ عليهم جقرى خان فامتنعوا واجتمعوا لحربه وسار إلى بخارا فبعث إليهم بالوعظ في ذلك والوعد الجميل بخلال ما جمع بقراخان وكبسهم على بخارا فانهزموا وأثخن فيهم وقطع دابرهم وأجلاهم عن نواحي سمرقند وصلحت تلك النواحي والله أعلم [الخبر عن دولة الغورية القائمين بالدولة العباسية بعد بنى سبكتكين وما كان لهم من السلطان الدولة وابتداء أمرهم ومصاير أحوالهم]
(٣٩٧)