الدولة عن الاحتشاد فقاتله في خف من أصحابه فانهزم سيف الدولة واستلحم آل حمدان واستولى الدمشق على ما في داره خارج حلب من خزائن الأموال والسلاح وخرب الدار وحصر المدينة وأحس أهل حلب مدافعته فتأخر إلى جبل حيوش ثم انطلقت أيدي الدعار بالبلد على النهب وقاتلهم الناس على متاعهم وخربت الأسوار من الحامية فجاء الروم ودخلوها عليهم وبادر الأسرى الذين كانوا في حلب وأثخنوا في الناس وسبى من البلد بضعة عشر ألفا ما بين صبى وصبية واحتمل الروم ما قدروا عليه وأحرقوا الباقي ولجأ المسلمون إلى قصبة البلد فامتنعوا بها وتقدم ابن أخت الملك إلى القلعة يحاصرها فرماه حجر منجنيق فمات وقتل الدمشق به من كان معه من أسرى المسلمين وكانوا ألفا ومائتين وارتحل الدمشق عنهم ولم يعرض لسواد حلب وأمرهم بالعمارة على أنه يعود ابن عمه عن قريب فخيب الله ظنه وأعاد سيف الدولة عين زربة وأصلح أسوارها وغزا حاجبه مع أهل طرسوس إلى بلاد الروم فأثخنوا فيها ورجعوا فجاء الروم إلى حصن سبة فملكوه وملكوا أيضا حصن دلوكة وثلاثة حصون مجاورة لهم ثم سار نجا غلام سيف الدولة إلى حصن زياد فلقيهم جمع من الروم فانهزم الروم وأسر منهم خمسمائة رجل وفى هذه السنة أسر أبو فراس بن سعيد بن حمدان وكان عاملا على منبج وفيها سار جيش من الروم في البحر إلى جزيرة اقريطش وبعث إليهم المعز بالمدد فاسر الروم وانهزم من بقي منهم ثم ثار الروم في ثنتين وخمسين بعدها بملكهم فقتلوه وملكوا غيره وصار ابن السميسرة دمشقا * (انتقاض أهل حران) * كان سيف الدولة قد ولى هبة الله ابن أخيه ناصر الدولة غيرها من ديار مضر فساء أثره فيهم وطرح الأمتعة على التجار وبالغ في الظلم فانتظروا به غيبته عند عمه سيف الدولة وثاروا بعماله ونوابه فطردوهم فسار هبة الله إليهم وحاصرهم شهرين وأفحش في القتل فيهم ثم سار سيف الدولة فراجعوا الطاعة وأدخلوا هبة الله وأفحش في القتل واستقاموا * (انتقاض هبة الله) * وفى هذه السنة بعث سيف الدولة الصوائف إلى بلاد الروم فدخل أهل طرسوس من درب ومولاه نجا من درب وأقام هو ببعض الدروب لأنه كان أصابه الفالج قبل ذلك بسنتين فكان يعالج منه شدة إذا عاوده وجعه وتوغل أهل طرسوس في غزوتهم وبلغوا قونية وعادوا فعاد سيف الدولة إلى حلب واشتد وجعه فأرجف الناس بموته فوثب عبد الله ابن أخيه وقتل ابن نجا النصراني من غلمان سيف الدولة ولما تيقن حياة عمه
(٢٣٩)