وانقرضت دولتهم بعد أن كانت انتشرت في الآفاق ما بين حلوان وبلاد الترك ووراء النهر وكانت من أعظم الدول وأحسنها سياسة * (خروج إسماعيل بن نوح بخراسان) * ثم هرب أبو إبراهيم إسماعيل بن نوح من محبسه في زي امرأة كانت تتعاهد خدمته فاختفى ببخارا ثم لحق بخوارزم وتلقب المنتصر واجتمع إليه بقايا القواد والأجناد وبعث قابوس عسكرا مع ابنيه منوجهر ودارا ووصل إسماعيل إلى نيسابور في شوال سنة احدى وتسعين وجبى أموالها وبعث إليه محمود مع التوتناش الحاجب الكبير صاحب هراة فلقيهم فانهزم المنتصر إلى ابيورد وقصد جرجان فمنعه قابوس منها فقصد سرخس وجبى أموالها وسكنها في ربيع سنة ثنتين وتسعين فأرسل إليها محمود العساكر مع منصور والتقوا فانهزم إسماعيل وأسر أبو القاسم بن سيجور في جماعة من أعيان العسكر فبعث بهم منصور إلى غزنة وسار إسماعيل حائرا فوافى أحياء الغز بنواحي بخارا فتعصبوا عليه وسار بهم إلى ايلك خان في شوال سنة ثلاث وتسعين فلقيه بنواحي سمرقند وانهزم ايلك واستولى الغز على سواده وأمواله وأسرى من قواده ورجعوا إلى أحيائهم وتفاوضوا في اطلاق الأسرى من أصحاب ايلك خان وشعر بهم إسماعيل فسار عنهم خائفا وعبر النهر إلى آمل الشط وبعث إلى مرو ونسا وخوارزم فلم يقبلوه وعاودوا العبور إلى بخارا وقاتله واليها فانهزم إلى دبوسية وجمع بها ثم عاد فانهزم من عساكر بخارا وقاتله واليها وجاءه جماعة من فتيان سمرقند فصاروا في جملته وبعث إليه أهله بأموال وسلاح ودواب وسار إليه ايلك خان بعد أن استوعب في الحشد ولقيه بنواحي سمرقند في شعبان سنة أربع وتسعين وظاهر الغز إسماعيل فكانت الدبرة على ايلك خان وعاد إلى بلاد الترك فاحتشد ورجع إلى إسماعيل وقد افترقت عنه أحياء الغزالي أوطانهم وخف جمعه فقاتلهم بنواحي مروسية فهزموه وفتك الترك في أصحابه وعبر إسماعيل النهر إلى جوزجان فنهبها وسار إلى مرو وركب المفازة إلى قنطرة راغول ثم إلى بسطام وعساكر محمود في اتباعه مع أرسلان الحاجب صاحب طوس وأرسل إليه قابوس عسكرا مع الأكراد الشاهجانية فأزعجوه عن بسطام فرجع إلى ما وراء النهر وأدرك أصحابه الكلل والملال ففارقه الكثير منهم وأخبروا أصحاب ايلك خان وأعلموهم بمكانه فكبسه الجند فطاردهم ساعة ثم دخل في حي من أحياء العرب بالفلاة من طاعة محمود بن سبكتكين يعرف أميرهم بابن بهيج وقد تقدم إليهم محمود في طلبه فأنزله عندهم حتى إذا جن الليل وثبوا عليه وقتلوه وذلك سنة خمس وتسعين وانقرض أمر بنى سامان وانمحت آثار دولتهم والبقاء لله وحده
(٣٥٩)