ولبنيه بالمغرب الأقصى دولة إلى أن انقرضت على يد أبى العافية وقومه مكاتبة أولياء العبيديين أعوام ثلاثة عشر وثلثمائة حسبما نذكر ذلك في أخبار البربر ونعدد ملوكهم هناك واحدا واحدا وانقراض دولتهم وعودها ونستوعب ذلك كله لأنه أمس بالبربر فإنهم كانوا القائمين بدعوتهم (ثم خرج يحيى) أخو محمد بن عبد الله بن حسن وإدريس في الديلم سنة ست وسبعين أيام الرشيد واشتدت شوكتهم وسرح الرشيد لحر به الفضل بن يحيى فبلغ الطالقان وتلطف في استنزاله من بلاد الديلم على أن يشترط ما أحب ويكتب له الرشيد بذلك خطه فتم بينهما وجاء به الفضل فوفى له الرشيد بكل ما أحب وأجرى له أرزاقا سنية ثم حبسه بعد ذلك لسعاية كانت فيه من آل الزبير فيقال أطلقه بعدها ووصله بمال ويقال سمه لشهر من اعتقاله ويقال أطلقه جعفر ابن يحيى افتياتا فكان بسببه نكبة البرامكة وانقرض شأن بنى حسن وخفيت دعو الزيدية حينا من الدهر حتى كان منهم بعد ذلك باليمن والديلم ما نذكره والله غالب على أمره * (الخبر عن خروج الفاطميين بعد فتنة بغداد) * كانت الدولة العباسية قد تمهدت من لدن أبى جعفر المنصور منهم وسكن أمر الخوارج والدعاة من الشيعة من كل جهة حتى إذا هلك الرشيد ووقع بين نبيه من الفتنة ما وقع وقتل الأمين بيد طاهر بن الحسين ووقع في حصار بغداد من الحرب والعبث ما وقع وبقي المأمون مقيما بخراسان تسكينا لأهلها عن ثائرة الفتن وولى على العراق الحسن بن سهل اتسع الخرق حينئذ بالعراق وأشيع عن المأمون أن الفضل بن سهل غلب عليه وحجره فامتعض الشيعة لذلك وتكلموا وطمع العلوية في التوثب على الامر فكان في العراق أعقاب إبراهيم بن محمد بن حسن المثنى المقتول بالبصرة أيام المنصور وكان منهم محمد بن إسماعيل بن إبراهيم ولقبه أبوه طباطبا للكنة كانت في لسانه أيام مرباه بين داياته فلقب بها وكان شيعته من الزيدية وغيرهم يدعون إلى إمامته لأنها كانت متوارثة في آبائه من إبراهيم الامام جده على ما قلناه في خبره فخرج سنة تسع وتسعين ودعا لنفسه ووافاه أبو السرايا السرى بن منصور كبير بنى شيبان فبايعه وقام بتدبير حربه وملك الكوفة وكثر تابعوه من الاعراب وغيرهم وسرح الحسن بن سهل زهير بن المسيب لقتاله فهزمه طباطبا واستباح معسكره ثم مات محمد في صبيحة ذلك اليوم فجأة ويقال ان أبا السرايا سمه لما منعه من الغنائم فبايع أبو السرايا يومه ذلك لمحمد ابن محمد بن زيد بن علي زين العابدين واستبد عليه وزحفت عليهم جيوش المأمون
(٨)