* (وفاة الظاهر وولاية ابنه المستنصر) * ثم توفى الظاهر لاعزاز دين الله أبو الحسن على ابن الحاكم منتصف شعبان سنة سبع وعشرين لست عشرة سنة من خلافته فولى ابنه أبو تميم معدو لقب المستنصر بأمر الله وقام بأمره وزير أبيه أبو القاسم علي بن أحمد الجرجراي وكان بدمشق الوزيري واسمه أقوش تكين وكانت البلاد صلحت على يديه لعدله ورفقه وضبطه وكان الوزير الجرجراي يحسده ويبغضه وكتب إليه بابعاد كاتبه أبى سعيد فأنفذ إليه أنه يحمل الوزيري على الانتقاض فلم يجب الوزيري إلى ذلك واستوحش وجاء جماعة من الجند إلى مصر في بعض حاجاتهم فداخلهم الجرجراي في التوثب به ودس معهم بذلك إلى بقية الجند بدمشق فتعللوا عليه فخرج إلى بعلبك سنة ثلاث وثلاثين فمنعه عاملها من الدخول فسار إلى حماة فمنع أيضا فقوتل وهو خلال ذلك ينهب فاستدعى بعض أوليائه من كفر طاب فوصل إليه في ألفى رجل وسار إلى حلب فدخلها وتوفى بها في جمادى الآخرة من السنة وفسد بعده أمر الشأم وطمع العرب في نواحيه وولى الجرجراي على دمشق الحسين بن حمدان فكان قصارى أمره منع الشأم وملك حسان بن مفرج فلسطين وزحف معز الدولة ابن صالح الكلابي إلى حلب فملك المدينة وامتنع عليه أصحاب القلعة وبعثوا إلى مصر للنجدة فلم ينجدهم فسلموا القلعة لمعز الدولة ابن صالح فملكها * (مسير العرب إلى إفريقية) * كان المعز بن باديس قد انتقض دعوة العبيديين بإفريقية وخطب للقائم العباسي وقطع الخطبة للمستنصر العلوي سنة أربعين وأربعمائة فكتب إليه المستنصر يتهدده ثم إنه استوزر الحسين بن علي التازوري بعد الجرجراي ولم يكن في رتبته فخاطبه المعز دون ما كان يخاطب من قبله كان يقول في كتابه إليهم عبده ويقول في كتاب التازوري صنيعته فحقد ذلك وأغرى به المستنصر وأصلح بين زغبة ورياح من بطون هلال وبعثهم إلى إفريقية وملكهم كل ما يفتحونه وبعث إلى المعز أما بعد فقد أرسلنا إليك خيولا وحملنا عليها رجالا فحولا ليقضى الله أمرا كان مفعولا فساروا إلى برقة فوجدوها خالية لان المعز كان أباد أهلها من زنانة فاستوطن العرب برقة واحتقر المعز شأنهم واشترى العبيد واستكثر منهم حتى اجتمع له منهم ثلاثون ألفا وزحف بنو زغبة إلى طرابلس فملكوها سنة ست وأربعين وجازت رياح الأثبج وبنو عدى إلى إفريقية فأضرموها نارا ثم سار أمراؤهم إلى المعزو كبيرهم مؤنس بن يحيى بن بنى مرداس
(٦٢)