جيش بن الصمصامة ابن أخت محمود فسكن الناس إليه ثم رجع المغاربة إلى العيث وعاد العامة إلى الثورة وقصدوا القصر الذي فيه جيش فهرب ولحق بالعسكر وزحف إلى البلد فقاتلهم وأحرق ما كان بقي وقطع الماء عن البلد فضاقت الأحوال وبطلت الأسواق وبلغ الخبر إلى المعز فنكر ذلك على أبي محمود واستعظمه وبعث إلى ريان الخادم في طرابلس يأمره بالمسير إلى دمشق لاستكشاف حالها وان يصرف القائد أبا محمود عنها فصرفه إلى الرملة وبعث إلى المعز بالخبر وأقام بدمشق إلى أن وصل أفتكين واليا على دمشق وكان أفتكين هذا من موالي عز الدولة بن بويه ولما ثار الأتراك على ابنه بختيار مع سبكتكين ومات سبكتكين قدمه الأتراك عليهم وحاصروا بختيار بواسط وجاء عضد الدولة لا نجاده فأجفلوا عن واسط فتركوه ببغداد وسار أفتكين في طائفة من الجند إلى حمص فنزل قريبا منها وقصده ظالم بن موهوب العقيلي ليقبضه فعجز عنه وسار أفتكين فنزل بظاهر دمشق وبها زياد خادم المعز وقد غلب عليه وعلى أعيان البلد الاحداث والذعار فلم يملكوا معهم أمر أنفسهم فخرج الأعيان إلى أفتكين وسألوا منه الدخول إليهم ليولوه وشكوا إليه حال المغاربة وما يحملونهم عليه من عقايد بعض الرفض وما أنزل بهم عمالهم من الظلم والعسف فأجابهم واستحلفهم وحلف لهم وملك البلد وخرج منها زياد الخادم وقطع خطبة المعز العلوي وخطب للطائع العباسي وقع أهل الفساد ودفع العرب عما كانوا استولوا عليه من الضواحي واستقل ملك دمشق وكاتب المعز بطلب طاعته وولايتها من قبله فلم يثق إليه ورده وتجهز لقصده وجهز العساكر فتوفى بعسكره ببلبيس كما يذكر * (وفاة المعز وولاية ابنه العزيز) * ثم توفى المعز بمصر في منتصف ربيع الاخر سنة خمس وستين لثلاث وعشرين سنة من خلافته وولى ابنه نزار بعهده إليه ووصيته ولقب العزيز بالله وكتم موت أبيه إلى عيد النحر من السنة فصلى بالناس وخطبهم ودعا لنفسه وعزى بأبيه وأقر يعقوب بن كلس على الوزارة كما كان أيام أبيه وأقر بلكين بن زيرى على ولاية إفريقية وأضاف إليه ولاية عبد الله بن يخلف الكتامي وهي طرابلس وسرت وجرابيه وكان أهل مكة والمدينة قد خطبوا للمعز أبيه في الموسم فتركوا الخطبة للعزيز فبعث جيوشه إلى الحجاز فحاصروا مكة والمدينة وضيقوا عليهم حتى رجعوا إلى دعوتهم وخطب للعزيز بمكة وكان أمير مكة عيسى بن جعفر والمدينة طاهر بن مسلم ومات في هذه السنة فولى ابنه الحسن وابن أخيه مكانه
(٥١)