الإفرنج فأثخن فيها ورجع إلى صقلية فأساء السيرة في أهلها فثاروا به وحبسوه وكتبوا إلى المهدى فقبل عذرهم وولى عليهم مكانه علي بن عمر البلوى فوصل خاتم تسع وتسعين * (مقتل أبى عبد الله الشيعي وأخيه) * لما استقام سلطان عبيد الله المهدى بإفريقية استبد بأمره وكفح أبا عبد الله الشيعي وأخاه أبا العباس عن الاستبداد عليه والتحكم في أمره فعظم ذلك عليهما وصرح أبو العباس بما في نفسه فنهاه أخوه أبو عبد الله عن ذلك فلم يصغ إليه ثم استماله أبو العباس لمثل رأيه فأجابه وبلغ ذلك إلى المهدى فلم يصدقه ثم نهى أبا عبد الله عن مباشرة الناس وقال إنه مفسد للهيبة فتلطف في رده ولم يجبه إليه ففسدت النية بينهما واستفسدوا كتامة وأغروهم به وذكروهم بما أخذه من أموال ايكجان واسستأثر به دونهم وألقوا إليهم أن هذا ليس هو الإمام المعصوم الذي دعونا إليه حتى بعث إلى المهدى رجل كان في كتامة يعرف بشيخ المشايخ وقال له جئنا بآية على أمرك فقد شككنا فيك فقتله المهدى ثم عظمت استرابتهم واتفقوا على قتل المهدى وداخلهم في ذلك أبو زاكي تمام ابن معارك وغيره من قبائل كتامة ونمى الخبر إلى المهدى فتلطف في أمرهم وولى من داخلهم من قواد كتامة على البلاد فبعث تمام بن معارك على طرابلس وبعث إلى عاملها ماكنون بقتله فقتله عند وصوله ثم اتهم المهدى ابن الغريم بمداخلتهم وكان من أصحاب زيادة الله فأمر بقتله واستصفاء أمواله وكان أكثرها لزيادة الله ثم إن المهدى استدعى عروبة بن يوسف وأخاه حباسة وأمرهما بقتل الشيعي وأخيه فوقفا لهما عند القصر وحمل عروبة على أبي عبد الله فقال له لا تفعل فقال الذي أمرتنا بطاعته أمرنا بقتلك ثم أجهز عليهما في نصف جمادى سنة ثمان وتسعين ويقال ان المهدى صلى على أبي عبد الله وترحم عليه وعلم أن الذي حمله على ذلك اغراء أبى العباس أخيه وثارت فتنة بسبب قتلهما من أصحابهما فركب المهدى وسكنها ثم ثارت فتنة أخرى بين كتامة وأهل القيروان وفشا القتل فيهم فركب المهدى وسكنها وكف الدعاة عن طلب التشيع من العامة وقتل جماعة من بني الأغلب برقادة لما رجعوا إليها بعد زيادة الله * (بقية أخبار المهدى بعد الشيعي) * ولما استقام أمر المهدى بعد الشيعي جعل ولاية عهده لابنه أبى القاسم نزار وولى على برقة وما إليها حباسة بن يوسف وعلى المغرب أخاه عروبة وأنزله باغاية فسار إلى تاهرت فاقتحمها وولى عليها دواس بن صولات اللهيص ثم انتقضت عليه كتامة بقتله أبا عبد الله الشيعي ونصبوا طفلا لقبوه المهدى وزعموا أنه نبي وأن أبا عبد الله الشيعي لم يمت فجهز
(٣٧)