وهو الذي بنى الحلة بالعراق وكان قد عظم شأنه وعلا قدره بين الملوك وكان جواد حليما صدوقا عادلا في رعيته وكان يقرأ ولا يكتب وكانت له خزانة كتب منسوبة الخط ألوف مجلدات ورجع السلطان إلى بغداد من دون الحلة وأرسل أما نا لزوج صدقة فجاءت إلى بغداد وأمر السلطان الأمراء بتلقيها وأطلق لها ولدها دبيسا واعتذر لها من قتل صدقة واستحلف دبيسا على الطاعة وأن لا يحدث حدثا وأقام في ظله وأقطعه السلطان اقطاعا كثيرا ولم يزل دبيس مقيما عند السلطان محمد إلى أن توفى وملك ابنه محمود سنة احدى عشرة فرغب دبيس من السلطان محمود أن يسرحه إلى بلده فسرحه وعاد إليها فملكها واجتمع عليه خلق كثير من العرب والأكراد واستقام أمره * (خبر دبيس مع البرسقي ومع الملك مسعود) * لما توفى الخليفة المستظهر سنة ثنتي عشرة وبويع ابنه المسترشد خاف ابنه الآخر من غائلة أخيه وانحدر في البحر إلى المدائن وسار منها إلى الحلة فأبى أن يكرهه فتلطف علي بن طراد لأخي الخليفة فأجاب وتكفل دبيس بما يطلبه وبينما هو في خلال ذلك برز البرسقي من بغداد مجلبا على دبيس الجموع وسار أخو الخليفة إلى واسط فملكها في صفر سنة ثلاث عشرة وخمسمائة وقوى أمره وكثرت جموعه فبعث الخليفة إلى دبيس في شأنه وانه خرج عن جواره فلقى أمره وكثرت جموعه فبعث الخليفة إلى دبيس في شأنه وانه خرج عن جواره فلقى أمره بالطاعة وبعث إليه وهو بواسط عسكرا من قبله فتلقاه وقبض عليه وبعثه إلى أخيه المسترشد وكان مسعود أخو السلطان محمد بالموصل ومعه أتابكة حيوس بك فاعتزما على قصد العراق لغيبة السلطان محمود عنه فسار لذلك ومعه وزيرة فخر الملك أبو علي بن عمار صاحب طرابلس وقسيم الدولة زنكى بن اقسنقر أبو المعالي أبو الملك العادل وكروباوى بن خراسان التركماني صاحب البواريح وأبو الهيجاء صاحب أربل وصاحب سنجار فلما قاربوا بغداد خاف البرسقي شانهم وبعث إليه الملك مسعود وحيوس بك أنهم انما جاؤوا نجدة على دبيس وكان البرسقي انما ارتاب من حيوس بك فصالحهم ودخل مسعود بغداد ونزل دار المملكة وجاء منكبرس في العساكر فسار البرسقي عن بغداد لمحاربته ودفاعه فمال إلى النعمانية وعبر دجلة واجتمع مع دبيس بن صدقة وكان دبيس قد صانع مسعود أو صاحبه بالهدايا والالطاف مدافعة عن نفسه فلما لقيه منكبرس اعتضد به وسار الملك مسعود والبرسقي وحيوس بك إلى المدائن للقائهما لكثرة جموعهما ونكبوا عن المدائن وعبروا نهر صرصر وأكثروا النهب في تلك النواحي من الطائفتين وبعث إليهم المسترشد بالموعظة ويأمرهم بالموادعة والمصالحة فأجابوا إلى ذلك ثم بلغهم أن دبيسا ومنكبرس قد بعثا العساكر مع منصور أخي دبيس وحسين بن أوزبك ربيب منكبرس ليخالفوهم
(٢٨٥)