سنة ثمان وعشرين وانقطعت دولة الأموية والله غالب على أمره [الخبر عن دولة بنى حمود التي أدالت من دولة بنى أمية بالأندلس وأولية ملكهم وتصاريف أمورهم إلى آخرها] كان في جملة المستعين مع البربر والمغاربة أخوان من ولد عمر بن إدريس وهما القاسم وعلى ابنا حمود بن ميمون بن أحمد بن علي بن عبيد الله بن عمر كانوا في لفيف البرابرة في بلاد غمارة واستجدوا بها رياسة استمرت في بني محمد وبنى عمر من ولد إدريس فكانت للبربر إليهم صاغية بسبب ذلك وخلطة وبقي الفخر منهم بتازغدره من غمارة فأجازوا مع البربر وصاروا في جملة المستعين مع امراء العدوة من البربر فعقد لهما المستعين فيمن عقد له من المغاربة عقد لعلى منهما على طنجة وعملها وللقاسم وكان الأسن على الجزيرة الخضراء وكان في نفوس المغاربة والبرابرة تشيع لأولاد إدريس متوارث من دولتهم بالعدوة كما ذكرناه واستقام أمر علي بن حمود وتمكن سلطانه واتصلت دولته عامين إلى أن قتله صقالبته بالحمام سنة ثمان وأربعمائة فولى مكانه أخوه القاسم بن حمود وتلقب بالمأمون ونازعه في الامر بعد أربع سنين من خلافته يحيى ابن أخيه على بسبتة وكان أمير الغرب وولى عهد أبيه فبعث إليه أشياعهم من البربر ما لا مع جند الأندلس سنة عشر واحتل بمالقة وكان أخوه إدريس بها منذ عهد أبيهما فبعث إلى سبتة ووصل إلى يحيى بن علي راوي بن زيرى من غرناطة وهو عميد البرابرة ثانية يومئذ فزحف إلى قرطبة فملكها سنة ثنتي عشرة وتلقب المعتلي واستوزر أبا بكر بن ذكوان وفر المأمون إلى إشبيلية وبايع له القاضي محمد بن إسماعيل بن عباد واستمال بعضا من البرابرة ثانية واستجاشهم على ابن أخيه ورجع إلى قرطبة سنة ثلاث عشرة ولحق المعتلي بمكانه من مالقة وتغلب على الجزيرة الخضراء عمل المأمون من لدن عهد المستعين وتغلب أخوه إدريس على طنجة من وراء البحر وكان المأمون يعتدها حصنا لنفسه وبنيه ويستودع بها ذخيرته وبلغ الخبر إلى قرطبة بتغلبه على قواعده وحصونه مع ما كان يتشدد على بنى أمية فاضطرب أمر المأمون وثار عليه أهل قرطبه ونقضوا طاعته وبايعوا للمستظهر ثم للمستكفي من بني أمية كما ذكرناه وتحيز المأمون وبرابرته إلى الارباض فاعتصموا به وقاتلوا دونه وحاصروا المدينة خمسين يوما ثم صمم أهل قرطبة لمدافعتهم فأفرجوا عن الأرباض وانفضت جموعهم سنة أربع عشرة ولحق المأمون بإشبيلية وبها ابنه محمد ومحمد بن زيرى من رجالات البربر فأطمعه القاضي محمد ابن إسماعيل بن عباد في الملك وان يمتنعوا من القاسم فمنعوه وأخرجوا إليه ابنه وضبطوا بلدهم ثم اشتد ابن عباد وأخرج محمد بن زيرى ولحق المأمون بشريش ورجع عنه البربر
(١٥٣)