ارتجله في ذلك الغرض ففاز بفخر ذلك المجلس وعجب الناس من شأنه أكثر من كل ما وقع وأعجب الناصر به وولاه القضاء بعدها وأصبح من رجالات العالم وأخباره مشهورة وخطبته في ذلك اليوم منقولة في كتب ابن حبان وغيره ثم انصرف هؤلاء الرسل وبعث الناصر معهم هشام بن كليب الحايليق ليجدد الهدنة ويؤكد المودة ويحسن الإجابة ورجع بعد سنتين وقد أحكم من ذلك ما شاء وجاءت معه رسل قسنطين ثم جاء رسل ملك الصقالبة وهو يومئذ هوتو وآخر من ملك اللمان وآخر من ملك الفرنجة وراء المغرب وهو يومئذ أفوه وآخر من ملك الفرنجة بقاصية المشرق وهو يومئذ كلدة واحتفل السلطان لقدومهم وبعث مع رسل الصقالبة ريفا الأسقف إلى ملكهم هوتو ورجعوا بعد سنتين وفى سنة أربع وأربعين جاء رسول اردون بن رذمير وأبوه رذمير وهو الذي سمل أخاه ادفونش وقد مر ذكره بعث يخطب السلم فعقد له ثم بعث في سنة خمس وأربعين يطلب ادخال فردلند بن عبد شلب قومس قشتيلية فردلند وقد مر ذكره ومال إلى أر دون بن رذمير كما ذكرناه وكان غرسية بن سانجة حافد الطوطة بنت اسنين ملكة البشكنس فامتعضت لحل حافدها غرسية ووفدت على الناصر سنة سبع وأربعين ملقية بنفسها في عقد السلم لها ولولدها سانجة بن رذمير الملك واعانه حافدها غرسية بن سانجة على ملكه ونصره من عدوه وجاء ملك جليقة فرد عليه ملكه وخلع الجلالقة طاعة اردون وبعث إلى الناصر يشكوه على فعلته وكتب إلى الأمم في النواحي بذلك وبما ارتكبه فردلند قومس قشتيلة وعظيم قوامسه في نكثه ووثوبه ونفر بذلك عند الأمم ولم يزل الناصر على موالاته واعانته إلى أن هلك ولما وصل رسول كلدة ملك الا فرنجة بالمشرق كما تقدم وصل معه رسول مغيرة بن شبير ملك برشلونة وطركونة راغبا في الصلح فأجابه الناصر ووصل بعده رسول صاحب رومة يطلب المودة فأجيب * (سطوة الناصر بابنه عبد الله) * كان الناصر قد وشحه ابنه الحكم وجعله ولى عهده وآثره على جميع ولده ودفع إليه كثيرا من التصرف في دولته وكان أخوه عبد الله يساميه في الرتبة فغص لذلك وأغراه الحسد بالنكثة فنكث وداخل من في قلبه مرض من أهل الدولة فأجابوه وكان منهم ياسر الفتى وغيره ونمى الخبر بذلك إلى الناصر فاستكشف أمرهم حتى وقف على الجلي فيه وقبض على ابنه عبد الله وعلى ياسر الفتى وعلى جميع من داخلهم وقتلهم أجمعين سنة ثلاث وتسعين * (مباني الناصر) *
(١٤٣)