قد ولاه الشرطة وكان مهد الدولة يبغضه ويهم بقتله مرارا ثم يتركه من أجل شروة فاستفسد مولاه شروة على مهد الدولة لحضوره فلما حضر عنده قتله وذلك سنة ثنتين وأربعمائة ثم خرج على أصحابه وقرابته يقبض عليهم كأنه بأمر مهد الدولة ثم مضى إلى ميافارقين ففتحوا له يظنونه مهد الدولة فملكها وكتب إلى أصحاب القلاع يستدعيهم على لسان مهد الدولة وفيهم خواجا أبا القاسم صاحب أرزن الروم فسار إلى ميافارقين ولم يسلم القلعة لاحد وسمع في طريقه بقتل مهد الدولة فرجع من الطريق إلى أرزن الروم وأحضر أبا نصر بن مروان من اسعرد وجاء به إلى أبيهم مروان وكان قد أضر ولزم قبر ابنه أبى على بارزن هو وزوجته فأحضره خواجا عنده واستحلفه عند أبيه وقبر أخيه وملك أرزن وبعث شروة من ميافارقين إلى اسعرد عن أبي نصر بن مروان ففاته إلى أرزن فأيقن بانتقاض أمره ثم ملك أبو نصر سائر ديار بكر ولقب نصير الدولة ودامت أيامه وأحسن السيرة وقصده العلماء من سائر الآفاق وكثروا عنده وكان ممن قصده أبو عبد الله الكازروني وعنه انتشر مذهب الشافعي بديار بكر وقصده الشعراء ومدحوه وأجزل جوائزهم وأقامت الثغور معه آمنة والرعية في أحسن ملكة إلى أن توفى * (استيلاء نصير الدولة بن مروان على الرها) * كانت مدينة الرها بيد عطير وكاتبوا أبا نصر بن مروان أن يملكوه فبعث نائبه بآمد ويسمى زنك فملكها واستشفع عطير بصالح بن مرداس صاحب حلب إلى ابن مروان فأعطاه نصف البلد ودخل إلى نصير الدولة بميافارقين فأكرمه ومضى إلى الرها فأقام بها مع زنك وحضر بعض الأيام مع زنك في صنيع وحضر ابن النائب الذي قتله فحمله زنك على الاخذ بثاره فاتبعه لما خرج ونادى بالثار واستنفر أهل السوق فقتلوه في ثلاثة نفر وكمن له بنو نمير خارج البلد وبعثوا من يغير منهم عليها فخرج زنك في العسكر ولما جاوز الكمين خرجوا عليه وقاتلوه وأصابه حجر فمات من ذلك فاتح ثمان عشرة وخلصت الرها لنصير الدولة ثم شفع صالح بن مرداس في ابن عطير وابن شبل فرد إليهما البلد إلى أن باعه ابن عطير من الروم كما يأتي * (حصار بدران بن مقلد نصيبين) * كانت نصيبين لنصير الدولة بن نصر بن مروان فسار إليها بدران بن المقلد في جموع بنى عقيل وحاصرها فظهر على العساكر الذين بها وأمدهم نصير الدولة بعسكر آخر فبعث بدران من اعترضهم في طريقهم وهزمهم فاحتفل ابن مروان في الاحتشاد وبعث
(٣١٧)