فيها الغلاء وكثرت الفتن وشغل بغداد عنهم بما كان من الفتن بين تختيار بن معز الدولة وعضد الدولة ابن عمه فاعتزم العز على المسير إلى مصر وأخرج جوهر الكاتب إلى المغرب لحشد كتامة وأوغر إلى أعمال برقة لحفر الابار في طريقها وذلك سنة خمس وخمسين فسيره إلى مصر وخرج لتوديعه وأقام أياما في معسكره وسار جوهر وبلغ خبره إلى عساكر الإخشيدية بمصر فافترقوا وكان ما يذكر في أخبارهم وقدم جوهر منتصف شعبان من سنة ثمان وخمسين فدخلها وخطب في الجامع العتيق منه باسم المعتز وأقيمت الدعوة العلوية وفى جمادى من سنة تسع وخمسين دخل جوهر جامع ابن طولون فصلى فيه وأمر بزيادة حي على خير العمل في الأذان فكان أول أذان أذن به في مصر ثم بعث إلى المعز بالهدايا وبأعيان دولة الإخشيدية فحبسهم المعز بالمهدية وأحسن إلى القضاة والعلماء من وفدهم وردهم إلى مصر وشرع جوهر في بناء القاهرة واستحث المعز للقدوم على مصر * (فتح دمشق) * ولما فتحت مصر وأخذ بنو طفج هرب منهم الحسن بن عبد الله بن طفج إلى مكة ومعه جماعة من قوادهم فلما استشعر جوهر به بعث جعفر بن فلاح الكتامي في العساكر إليه فقاتله مرارا ثم أسره ومن كان معه من القواد وبعث بهم إلى جوهر فبعث بهم جوهر إلى المعز بإفريقية ودخل جعفر الرملة عنوة فاستباحها ثم أمن من بقي وجبى الخراج وسار إلى طبرية وبها ابن ملهم وقد أقام الدعوة للمعز فتجافى عنه وسار إلى دمشق فافتتحها عنوة وأقام بها الخطبة للمعز لأيام من المحرم سنة تسع وخمسين وكان بدمشق الشريف أبو القاسم بن يعلى الهاشمي وكان مطاعا فيهم فجمع الأوباش والذعار وثار بهم في الجمعة الثانية ولبس السواد وأعاد الخطبة للمطيع فقاتلهم جعفر بن فلاح أياما وأولى عليهم الهزائم وعاثت جيوش المغاربة في أهل دمشق فهرب ابن أبي يعلى ليلا من البلد وأصبحوا حيارى وكانوا قد بعثوا الشريف الجعفري إلى جعفر في الصلح فأعاده إليهم بتسكين الناس والوعد الجميل وان يدخل البلد فيطوف فيه ويرجع إلى معسكره فدخل وعاث المغاربة في البلد بالنهب فثار الناس بهم وحملوا عليهم وقتلوا منهم وشرعوا في حفر الخنادق وتحصين البلد ومشى الشريف أبو القاسم في الصلح بينهم وبين جعفر ابن فلاح فتم ذلك منتصف ذي الحجة من سنة تسع وخمسين ودخل صاحب شرطة جعفر فسكن الناس وقبض على جماعة من الاحداث وقتل منهم وحبس ثم قبض على الشريف أبى القاسم بن أبي يعلى في المحرم من سنة ستين وبعث به إلى مصر واستقام ملك دمشق لجعفر بن فلاح وكان خرج بإفريقية في سنة ثمان وخمسين أبو جعفر الزناتي
(٤٨)