هنالك منذ نفاه المهتدى فأكرمه ثم سار عن دمشق واستخلف عليها أحمد بن دوغياش ورحل إلى حمص وبها أكبر قواد أنا جور فشكت الرعية منه فعزله وولى يمتا التركي ثم سار إلى أنطاكية وقد امتنع بها سيما الطويل بعد أن كتب بالطاعة وأن ينصرف عنه فأبى وحاصرها وشد حصارها وضجر أهلها من سيما فداخل بعضهم أحمد بن طولون ودلوه على بعض المسارب فدخلها منه في فاتحة خمس وستين وقتل سيما الطويل وقبض على أمرائه وكاتبه ثم سار إلى طرسوس فملكها ودخلها في خلق كثير وشرع في الدخول إلى بلاد الروم للغزو وبينما هو يروم ذلك جاءه الخبر بانتقاض ابنه العباس الذي استخلفه بمصر فرجع وبعث عسكرا إلى الرقة وعسكرا إلى حران وكانت لمحمد بن أنا شرفا خرجوه عنها وهزموه وبلغ الخبر إلى أخيه موسى فسار إلى حران وكان شجاعا وكان مقدم العسكر بحران بن جيعونة فأهمه أمرهم فقال له أبو الأغر من العرب أنا آتيك بموسى واختار عشرين فارسا من الشجعان وسار إلى معسكر موسى فأمن بعضهم ودخل بالباقين بعض الخيام فعقدت واهتاج العسكر وهرب أبو الأغر واتبعوه فخرج عليهم الكمين فهزموهم وأسر موسى وجاء به أبو الأغر إلى جيعونة قائد ابن طولون فاعتقله وعاد إلى مصر سنة ست وستين * (الخبر عن انتقاض العباس بن أحمد بن طولون على أبيه) * لما رحل أحمد بن طولون إلى الشأم واستخلف ابنه العباس وكان أحمد بن الواسطي محكما في الدولة وكان للعباس بطانة يدارسونه الأدب والنحو وأراد أن يولى بعضهم الوظائف ولم يكونوا يصلحون لها فمنع الواسطي من ذلك خشية الخلل في الاعمال فحمل هؤلاء البطانة عليه عند العباس وأغروه به وكتب هو إلى أحمد يشكوهم فأجابه بمداراة الأمور إلى حين وصوله وكان محمد بن رجاء كاتب أحمد مداخلا لابنه العباس فكان يبعث إليه بكتب الواسطي يتنزل له فاطلع على جواب أبيه عن كتبه بالمداراة فازداد خوفا وحمل ما كان هنالك من المال والسلاح وهو ألف ألف دينار وتسلف من التجار مائتي ألف أخرى واحتمل أحمد بن محمد الواسطي وأيمن الأسود مقيدين وسار إلى برقة ورجع أحمد إلى مصر وبعث له جماعة فيهم القاضي أبو بكرة بكار بن قتيبة والصابوني القاضي وزياد المري مولى أشهب فتلطفوا به بالموعظة حتى لان ثم منعه بطانته وخوفوه فقال لبكار ناشدتك الله هل تأمنه على فقال هو قد حلف وأنا لا أعلم فمضى على ريبته ورجع القوم إلى أبيه وسار هو إلى إفريقية يطلب ملكها وسهل عليه أصحابه أمر إبراهيم بن أحمد بن الأغلب صاحبها وكتب إليه بأن المعتمد قلده إفريقية وأنه أقره عليه وانتهى إلى مدينة لبدة فخرج عليه عامل ابن الأغلب فقبض عليه ونهب البلد
(٣٠١)