قتلا وأسرا وسبيا وحاصر مدينتهم العظمى وعاث في نواحيها وقفل وقد كان ملك القسطنطينية توفلس بن نوفلس بن نوفيل بعث إلى الأمير عبد الرحمن سنة خمس وعشرين بهدية ويطلب مواصلته فكافأه عبد الرحمن عن هديته وبعث إليه يحيى العزال من كبار الدولة وكان مشهورا في الشعر والحكمة فأحكم بينهما المواصلة وارتفع لعبد الرحمن ذكر عند منازعيه من بني العباس وفى سنة ست وثلاثين هلك نصر الحفى القائم بدولة الأمير عبد الرحمن وكان يضغن على مولاه ويمالئ ابنه عبد الرحمن على ابنه الاخر ولى عهده بما كانت أم عبد الله قد اصطنعته وكانت حظية عند السلطان ومنحرفة عن ابنه محمد ولى العهد فداخلت نصرا هذا في أمرها وداخل هو طبيب الدار في أن يسم محمدا ولى العهد ودس الطبيب بذلك إلى الأمير مع قهرمانة داره وان نصرا أكرهه على إذابة السم فيه وباكر نصر القصر ودخل على السلطان يستفهمه عن شرب الدواء فوجده بين يديه وقال له ان نفسي قد بشعته فأشر به أنت فوجم فأقسم عليه فلم يسعه خلافه فشربه وركب مسرعا إلى داره فهلك لحينه وحسم السلطان علة ابنه عبد الله وكان من بعدها مهلكه * (وفاة عبد الرحمن الأوسط وولاية ابنه محمد) * ثم توفى عبد الرحمن الأوسط بن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن الداخل في ربيع الاخر سنة ثمان وثلاثين لاحدى وثلاثين سنة من امارته وكان عالما بعلوم الشريعة والفلسفة وكانت أيامه أيام هدو وسكون وكثرت الأموال عنده واتخذ القصور والمنتزهات وجلب إليها الماء وجعل له مصنعا اتخذه الناس شريعة وزاد في جامع قرطبة رواقين ومات قبل أن يستتمه فأتمه ابنه محمد بعده وبنى بالأندلس جوامع كثيرة ورتب رسوم المملكة واحتجب عن العامة ولما مات ولى مكانه ابنه محمد فبعث لأول ولايته العساكر مع أخيه الحكم إلى قلعة رباح لاصلاح أسوارها وكان أهل طليطلة خربوها فرمها وأصلح حالها وتقدم إلى طليطلة فعاث في نواحيها ثم بعث الجيوش مع موسى بن موسى صاحب تطيلة فعاث في نواحي ألبة والقلاع وفتح بعض حصونها ورجع وبعث عساكر أخرى إلى نواحي برشلونة وما وراءها فعاثوا فيها وفتحوا حصون برشلونة ورجعوا ثم سار محمد سنة أربعين في جيوشه إلى طليطلة فاستمدوا ملك جليقة وملك البشكنس فساروا لانجادهم مع أهل طليطلة فلقيهم الأمير محمد على وادى سليط وقد أكمن لهم فأوقع بهم وبلغ عدة القتلى من أهل طليطلة والمشركين عشرين ألفا ثم سار إليهم سنة ثلاث وأربعين فأوقع بهم ثانية وأثخن فيهم وخرب ضياعهم فصالحوه ثم نكثوا وفى سنة خمس وأربعين ظهرت مراكب المجوس ونزلوا بإشبيلية والجزيرة
(١٣٠)