ملك بطليوس من غرب الأندلس عند الفتنة واهتياجها أبو محمد عبد الله بن مسلمة التجيبي المعروف بابن الأفطس واستبد بها سنة احدى وستين وأربعمائة فهلك وولى من بعده ابنه المظفر أبو بكر واستفحل ملكه وكان من أعاظم ملوك الطوائف وكانت بينه وبين ابن ذي النون حروب مذكورة وكذا مع ابن عباد بسبب ابن يحيى صاحب مليلة أعانه ابن عباد عليه فاستولى بسبب ذلك على كثير من ثغوره ومعاقله واعتصم المظفر ببطليوس بعد هزيمتين هلك فيهما خلق كثير وذلك سنة ثلاث وأربعين ثم أصلح بينهما ابن جهور وهلك المظفر سنة ستين وأربعمائة وتولى بعده ابنه المتوكل أبو حفص عمر بن محمد المعروف بساجة ولم يزل سلطانا بها إلى أن قتله يوسف ابن تاشفين أمير المرابطين سنة تسع وثمانين وأربعمائة وقتل معه أولاده أغراه به ابن عباد فلما تمكنت الاسترابة من المتوكل خاطب الطاغية واستراح إليه مما دهمه وشعر به ابن عباد فكاتب يوسف بن تاشفين واستحثه لمعاجلته قبل أن يتصل بالطاغية ويتصل بالثغر فأغذ إليه السير ووافاه سنة؟؟ فقبض عليه وعلى بنيه وقتلهم يوم الأضحى حسبما نذكر في أخبارهم ورثاه ابن عبدون بقصيدته المشهورة وهي الدهر يفجع بعد العين بالأثر * فما البكاء على الأشباح والصور عدد فيها أهل النكبات ومن عثر به الزمان بما يبكى الجماد وسنذكر قصتهم في أخبار لمنونة وفتحهم الأندلس والله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد * (أخبار باديس بن حسون ملك غرناطة والبيرة) * كان عميد صنهاجة في الفتنة البربرية زاوي بن زيرى بن مناد أجاز إلى الأندلس على عهد المنصور فلما هاجت الفتنة البربرية وانحل نظام الخلافة كان فحل ذلك الشول وكبش تلك الكتائب وعمد إلى البيرة ونزل غرناطة واتخذها دارا لملكه ولما بايع الموالى العامريون للمرتضى المرواني وتولى كبر ذلك مجاهد العامري ومنذر بن يحيى بن هاشم التجيبي وعمد إلى غرناطة فلقيهم زاوي بن زيرى في جموع صنهاجة وهزمهم سنة عشرين وأربعمائة وقتل المرتضى وأصاب زاوي من ذخائرهم وأموالهم وعددهم ما لم يقتنه ملك ثم وقع في نفسه سوء آثار البربر بالأندلس أيام هذه الفتنة وحذر مغبة ذلك فارتحل إلى سلطان قومه بالقيروان واستخلف على غرناطة ابنه فدبر القبض على ابن رصين ومشيخة غرناطة إذا رجعوا عن أبيه وشعروا بذلك فبعثوا إلى ابن أخيه ماكس بن زيرى من بعض الحصون فوصل وملك غرناطة واستبد بها إلى أن هلك سنة تسع وعشرين وولى ابنه باديس وكانت بينه وبين ذي النون وابن عباد حروب واستولى على سلطانه كاتبه وكاتب أبيه إسماعيل بن نغزلة الذمي ثم نكبه وقتله سنة
(١٦٠)