فهرب إليه أمواله وأنصاره إلى جبال وراء القلعة وافتتحها السلطان وحصل منها على غنائم وسار في أتباع جندراى وأثخن فيهم قتلا ونهبا وغنم منهم أموالا وفيولا وبلغت الغنائم ثلاثة آلاف ألف درهم ذهبا وفضة ويواقيت والسبي كثير وبيع بدرهمين إلى عشرة وكانت الفيول تسمى عندهم جنداى داد ثم قضى السلطان جهاده ورجع إلى غزنة فابتنى مسجدها الجامع وجلب إليه جذوع الرخام من الهندو فرشه بالمرمر وأعالي جدرانه بالأصباغ وصباب الذهب المفرغة من تلك الأصنام واحتضر بناء المسجد بنفسه نقل إليه الرخام من نيسابور وجعل أمام البيت مقصورة تسع ثلاثة آلاف غلام وبنى بإزاء المسجد مدرسة احتوت فيها الكتب من علوم الأولين والآخرين وأجريت بها الارزاق واختصت لنفسه يفضى منه إليه في أمن من العيون وأمر القواد والحجاب وسائر الخدام فبنوا بجانب المسجد من الدور ما لا يحصى وكانت غزنة تحتوي على مربط ألف فيل يحتاج كل واحد منها لسياسة ومائدته خطة واسعة * (غزوة الافقانية) * لما رجع السلطان إلى غزنة راسل بيد والى والى قنوج واسمه راجبان بدلحه وطال بينهما العتاب وآل إلى القتال فقتل والى قنوج واستلحمت جنوده وطغى بيدو وغلب على الملوك الذين معه وصاروا في جملته ووعدهم برد ما غلبهم عليه السلطان محمود ونمى الخبر بذلك إليه فامتعض وسار إلى بيدو فغلبه على ملكه وكان ابتداؤه في طريقه بالافقانية طوائف من كفار الهند معتصمون بقلل الجبال ويفسدون السابلة فسار في بلادهم ودوخها وعبر نهر كنك وهو واد عميق وإذا جيبال من ورائه فعبر إليه على عسر العبور فانهزم جيبال وأسر كثير من أصحابه وخلص جريحا واستأمن إلى السلطان فلم يؤمنه إلا أن يسلم فسار ليلحق ببيدو فغدر به بعض الهنود وقتله فلما رأى ملوك الهند ذلك تابعوا رسلهم إلى السلطان في الطاعة على الإتاوة وسار إلى مدينة بارى من أحصن بلاد الهند فألفاها خالية فأمر بتخريبها وعشر قلاع مجاورة لها وقتل من أهلها خلقا وسار في طلب بيدو وقد تحصن بنهر أدار ماءه عليه من جميع جوانبه ومعه ستة وخمسون ألف فارس وثمانون ألف راجل وسبعمائة وخمسون فيلا فقاتلهم هنالك يوما وحجز بينهم الليل فأجفل بيدو وأصبحت دياره بلا قع وترك خزائن الأموال والسلاح فغنمها المسلمون وتتبعوا آثارهم فوجدوهم في الغياض والآكام فأكثروا فيهم القتل والأسر ونجا بيدو بذماء نفسه ورجع السلطان إلى غزنة ظافرا * (فتح سومنات) *
(٣٧٣)