سخطه على ابنه محمد لحق حينئذ ببلد ابن حفصون ثم استأمن ورجع وبالغ المطرف في السعاية إلى أن حبسه أبوه ببعض حجر القصر وخرج لبعض غزواته واستخلف ابنه المطرف على قصره فقتل أخاه في محبسه مفتاتا بذلك على أبيه وحزن الأمير عبد الله على ابنه محمد وضم ابنه عبد الرحمن إلى قصره وهو ابن يوم فربى مع ولده ثم بعث الأمير عبد الله ابنه المطرف بالصائفة سنة ثلاث وثمانين ومائتين ومعه الوزير عبد الملك بن أمية ففتك المطرف بالوزير لعداوة بينهما وسطا به أبوه الأمير عبد الله وقتله أشر قتلة ثأر فيها منه بأخيه محمد وبالوزير وعقد مكان الوزير لابنه أمية فسخ على الفقراء بأنفه وترفع على الوزراء فمقتوه وسعوا فيه عند الأمير عبد الله بأنه بايع جماعة من سماسرة الشر لأخيه هشام بن محمد ولفقت بذلك شهادات اعتمد القاضي حينئذ قبولها للساعين أن يجعلوا في الجماعة للمشهود عليهم بالبيعة بعض أعدائه فتمت الحيلة وقتل هشام أمية الوزير وذلك سنة أربع وثمانين * (وفاة الأمير عبد الله بن محمد وولاية حافده عبد الرحمن الناصر بن محمد) * ثم توفى الأمير عبد الله في شهر ربيع الأول من آخر المائة الثالثة لست وعشرين سنة من امارته وولى حافده عبد الرحمن ابن ابنه محمد قتيل أخيه المطرف وكانت ولايته من الغريب لأنه كان شابا وأعمامه وأعمام أبيه حاضرون فتصدى إليها وحازها دونهم ووجد الأندلس مضطربة فسكنها وقاتل المخالفين حتى أذعنوا واستنزل الثوار ومحا أثر ابن حفصون كبيرهم وحمل أهل طليطلة على الطاعة وكانوا معروفين بالخلاف والانتقاض واستقامت الأندلس وسائر جهاتها في نيف وعشرين سنة من أيامه ودامت أيامه نحوا من خمسين سنة استفحل فيها ملك بنى أمية بتلك النواحي وهو أول من تسمى بأمير المؤمنين عند ما تلاشى أمر الخلافة بالمشرق واستبد موالي الترك على بنى العباس وبلغه ان المقتدر قتله مؤنس المظفر مولاه سنة سبع وعشرين وثلثمائة فتلقب بألقاب الخلفاء وكان كثير الجهاد بنفسه والغزو إلى دار الحرب إلى أن انهزم عام الخندق سنة ثلاث وعشرين ومحصن الله المسلمين فقعد عن الغزو بنفسه وصار يردد الصوائف في كل سنة فأوطأ عساكر المسلمين من بلاد الفرنج ما لم يطأه قبل في أيام سلفه ومدت إليه أمم النصرانية من وراء الدروب يد الاذعان وأوفدوا إليه رسلهم وهداياهم من رومة والقسطنطينية في سبيل المهادنة والمسلم والاحتمال فيما يعن من مرضاته ووصل إلى سدنة ملوك الجلالقة من أهل جزيرة الأندلس المتاخمين لبلاد المسلمين كجهات قشتالة ومنبلونة وما إليها من الثغور الجوفية فقبلوا يده والتمسوا رضاه واحتقبوا جوائزه وامتطوا مركبه ثم سما إلى ملك العدوة فتناول سبتة من أيدي أهلها سنة سبع
(١٣٧)