قصد الموصل وأغراه وزيره ابن بقية لتقصيره في خطابه فسار ووصل إلى الموصل في ربيع سنة ثلاث وستين ولحق أبو ثعلب بسنجار وأخلى الموصل من الميرة ومن الدواوين وخالف بختيار إلى بغداد ولم يحدث فيها حدثا من نهب ولا غيره وانما قاتل أهل بغداد فحدثت فيها الفتنة بسبب ذلك بين عامتها واضطرب أمرهم وخصوصا الجانب الغربي وسمع بختيار بذلك فبعث في أثره وزيره ابن بقية وسبكتكين فدخل ابن بقية بغداد وأقام سبكتكين في الضاحية وتأخر أبو ثعلب عن بغداد وحاربه يسيرا ثم داخله في الانتقاض واستيلاء سبكتكين على الامر ثم أقصر سبكتكين عن ذلك وخرج إليه ابن بقية وراسلوا أبا ثعلب في الصلح على مال يضمنه ويرد على أخيه حمدان اقطاعه ما سوى ماردين وكتبوا بذلك إلى بختيار وارتحل أبو ثعلب إلى الموصل وأشار ابن بقية على سبكتكين باللحاق ببختيار فتقاعد ثم سار وارتحل بختيار عن الموصل بعد أن جهد منه أهل البلد بما نالهم من ظلمه وعسفه وطلب منه أبو ثعلب الاذن في لقب سطانى وأن يحط عنه من الضمان فأجابه وسار ثم بلغه في طريقه أن أبا ثعلب نقض وقتل بعضا من أصحاب بختيار عادوا إلى الموصل لنقل أهاليهم فاستشاط بختيار واستدعى ابن بقية وسبكتكين في العساكر وعادوا جميعا إلى الموصل وفارقها أبو ثعلب وبعث أصحابه بالاعتذار والحلف على انكار ما بلغه فقبل وبعث الشريف أبا أحمد الموسوي لاستحلافه وتم الصلح ورجع بختيار إلى بغداد فجهزا بنته إلى أبي ثعلب وقد كان عقد له عليها من قبل * (عود أبى المعالي بن سيف الدولة إلى حلب) * قد تقدم لنا أن قرعوية مولى أبيه سيف الدولة كان تغلب عليه وأخرجه من حلب سنة سبع وخمسين وثلثمائة فسار إلى والدته بميافارقين ثم إلى حماة فنزلها وكانت الروم قد أمنت حمص وكثر أهلها وكان قرعوية قد استناب بحلب مولاه بكجور فقوى عليه وحبسه في قلعة حلب وملكها سنين فكتب أصحاب قرعوية إلى أبي المعالي واستدعوه فسار وحاصرها أربعة أشهر وملكها وأصلح أحوالها وازدادت عمارتها حتى انتقل إلى ولاية دمشق كما يذكر * (استيلاء عضد الدولة بن بويه على الموصل وسائر ملوك بنى حمدان) * ولما ملك عضد الدولة بن ركن الدولة بن بويه بغداد وهزم بختيار ابن عمه معز الدولة سار بختيار في الفل إلى الشأم ومعه حمدان بن ناصر الدولة أخو أبى ثعلب فحسن له قصد الموصل على الشأم وقد كان عضد الدولة عاهده أن لا يتعرض لابي ثعلب لمودة بينهما
(٢٤٧)