فد كنا قدمنا أن السلطان محمدا أقطع صدقة بن مزيد مدينة واسط فضمنها صدقة لمهذب الدولة بن أبي الخير وولى في أعمالها أولاده فبذروا الأموال وطالبه صدقة عند انقضاء السنة بالمال وحبسه وسعى في خلاصه بدران بن ابن صدقة وكان صهرا لمذهب الدولة وأعاده إلى البطيحة وضمن حماد والختم محمد والد مهذب الدولة كانا أخوين وهما ابنا أبى الخير وكانت لهما رياسة قومهما وهلك المصطنع وقام ابنه أبو السيد المظفر والد حماد مقامه وهلك المختم محمد وقام ابنه مهذب الدولة مقامه ونازعا إبراهيم صاحب البطيحة حتى غلبه مهذب الدولة وقبض عليه وسلمه إلى كوهوابين فحمله إلى أصفهان فهلك في الطريق وعظم أمر مهذب الدولة يداريه بجهده وهو يضمر نقضه فلما مات كوهوابين انتقض حماد عن مهذب الدولة وأظهر ما في نفسه واجتهد مهذب الدولة في استصلاحه فلم يقدر وجمع ابنه القيسر وقصد حمادا فهرب إلى صدقة بالحلة وبعث معه مددا من العسكر وحشد مهذب الدولة وسار في العساكر أو بحرا أو أكمن حماد لهم وأصحابه واستطردوا بين أيديهم ثم خرجت عليهم الكمائن فانهزموا وأرسل حماد يستمد صدقة فبعث إليه مقدم جيشه وجمعوا السفن وكان مهذب الدولة جوادا فبعث إلى مقدم الجيش بالانعامات والصلات فمال إليه وأشار عليه أن يبعث ابن النفيس إلى صدقة فرضى عنه وأصلح بينه وبين حماد ابن عمه وذلك اخرا لمائة الخامسة * (مقتل صدقة وولاية ابنه دبيس) * كان صدقة بن منصور بن مزيد شيعة للسلطان محمد بن ملك شاه على أخيه بركيارق ومن أعظم أنصاره ولما هلك بركيارق واستبد السلطان محمد بالملك رعى وسائله في ذلك وأقطعه واسطا وأذن له في ملك البصرة وأنزله منزل المصافاة حتى كان يجبر عليه وسخط مرة على سرخاب بن كيخس صاحب سارة فلجأ إليه مستجيرا به فأجاره وطلبه السلطان فمنعه وكان العميد أبو جعفر يستبد له السلطان لكثرة السعاية ويغريه به وينكر دالته وتبسطه فتعين السلطان وسار إلى العراق وأرسل إلى صدقة فاستشار صدقة أصحابي فأشار ابنه دبيس بملاطفته واستعطافه بالهدايا وأشار سعيد بن حميد صاحب جيشه بالمحاربة فجنح إلى رأيه واستطال في الخطاب وجمع الجند وأفاض فيهم العطاء واعترضهم فكانوا عشرين ألف فارس وثلاثين ألف راجل وبعث إليه المستظهر مع علي بن طراد الزيني نقيب النقباء يعظه في المخالفة ويحضه على لقاء السلطان فاعتذر بالخوف منه
(٢٨٣)