وفى ذي الحجة سنة ثنتين وعشرين وأربعمائة توفى الخليفة القادر لاحدى وأربعين سنة من خلافته وكان مهيبا عند الديلم والأتراك ولما مات نصب جلال الدولة للخلافة ابنه القائم بأمر الله أبا جعفر عبد الله بعد أبيه ولقبه القائم وبعث القاضي أبا الحسن الماوردي إلى أبي كاليجار في الطاعة فبايع وخطب له في بلاده وأرسل إليه بهدايا جليلة وأموال ووقعت الفتنة ببغداد في تلك الأيام بين السنة والشيعة ونهب دور اليهود وأحرقت من بغداد أسواق وقتل بعض جباة المكس وثار العيارون ثم هم الجند بالوثوب على جلال الدولة وقطع خطبته ففرق فيهم الأموال فسكتوا ثم عاودوا فلزم جلال الدولة الا صاغر فشكا من قواده الأكابر وهما بارسطعان وبلدوك وانهم استأثرا بالأموال فاستوحشا لذلك وطالبهما الغلمان بعلوفتهم وجراياتهم فسارا إلى المدائن وندم الأتراك على ذلك وبعث جلال الدولة مؤيد الملك الرجحي فاسترضاهما ورجعا وزاد شغب الجند عليه ونهبوا دوابه وفرشه وركب إلى دار الخليفة متغضبا من ذلك وهو سكران فلاطفه ورده إلى بيته ثم زاد شغبهم وطالبوه في الدواب لركوبهم فضجر وأطلق ما كان في إسطبله من الدواب وكانت خمس عشرة وتركها عائرة وصرف حواشيه وأتباعه لانقطاع خزائنه فعوتب بتلك الفتنة وعزل وزيره عميد الملك ووزر بعده أبو الفتح محمد ابن الفضل أياما ولم يستقم أمره فعزله ووزر بعده أبو اسحق إبراهيم بن أبي الحسين السهيلي وزير مأمون صاحب خوارزم وهرب لخمسة وعشرين يوما [وثوب الأتراك ببغداد بجلال الدولة بدعوة أبى كاليجار ثم رجوعهم إلى جلال الدولة] ثم تجددت الفتنة بين الأتراك وجلال الدولة سنة ثلاث وعشرين في ربيع الأول فأغلق بابه ونهب الأتراك داره وسلبوا الكتاب وأصحاب الدواوين وهرب الوزير أبو اسحق السهيلي إلى حي غريب بن محمد بن معن وخرج جلال الدولة إلى عكبرا وخطبوا لابي كاليجار واستدعوه من الأهواز فمنعه العادل بن ماقته إلى أن يحضره بين قوادهم فعادوا إلى جلال الدولة وتطارحوا عليه فعاد لثلاث وأربعين يوما من مغيبه واستوزر أبا القاسم بن ماكولا ثم عزله لفتنة الأتراك به واطلاق بعض المصادرين من يده * (استيلاء جلال الدولة على البصرة ثانيا ثم عودها لابي كاليجار) * ثم توفى أبو منصور بختيار بن علي نائب أبى كاليجار بالبصرة منتصف أربع وعشرين فقام مكانه صهره أبو القاسم لاضطلاعه وكفايته واستبد بها ونكر أبو كاليجار استبداده وبعث بعزله فامتنع وخطب لجلال الدولة وبعث لابنه يستدعيه من واسط فجاء وملك البصرة وطرد عساكر أبى كاليجار ثم فسد ما بين أبى القاسم والعزيز واستجار منه بعض
(٤٨١)