موصوفا بالعدل وولى بعده ابنه الفاتك صبيا لم يحتلم ودبروا ملكه وجاء عمه إبراهيم لقتاله وبرزوا له فثار عبد الواحد بالبلد وبعث منصور إلى الفضل بن أبي البركات صاحب التعكر فجاء لنصره مضمرا للغدر به ثم بلغه انتقاض أهل التعكر عليه فرجع ولم يزل منصور في ملكه بزبيد إلى أن وزر له أبو منصور عبيد الله فقتله مسموما سنة سبع عشرة وخمسمائة ونصب فاتكا ابنه طفلا صغيرا واستبد عليه وقام بضبط الملك وهان عليه التعرض لآل نجاح حتى هربت منه أم فاتك هذا وسكنت خارج المدينة وكان قرما شجاعا وله وقائع مع الأعداء وحاربه ابن نجيب داعى العلوية فامتنع عليه وهو الذي شيد المدارس للفقهاء بزبيد واعتنى بالحاج ثم راود مفارك بنت جياش ولم تجد بدا من اسعافه فأمكنته حتى إذا قضى وطره مسحت ذكره بمنديل مسموم فنثر لحمه وذلك سنة أربع وعشرين وخمسمائة وقام بأمر فاتك بعده زريق من موالي نجاح قال عمارة كان شجاعا فاتكا قرما وكان من موالي أم فاتك المختصين بها قال عمارة وفى سنة احدى وثلاثين وخمسمائة توفى فاتك بن المنصور وولى بعده ابن عمه وسميه فاتك ابن محمد بن فاتك وسرور قائم بوزارته وتدبير دولته ومحاربة أعدائه وكان يلازم المسجد إلى أن دس عليه علي بن مهدي الخارجي من قتله في المسجد وهو يصلى العصر يوم الجمعة ثاني عشر صفر سنة احدى وخمسين وثار السلطان بالقاتل فقتل جماعة من أهل المسجد ثم قتل واضطرب موالي نجاح بالدولة وثار عليهم ابن مهدي الخارجي وحار بهم مرارا وحاصرهم طويلا واستعانوا بالشريف المنصور أحمد بن حمزة السليماني وكان يملك صعدة فأغاثهم على أن يملكوه ويقتلوا سيدهم فاتك بن محمد فقتلوه سنة ثلاث وخمسين وملكوا عليهم الشريف أحمد فعجز عن مقاومة ابن مهدي وفر تحت الليل وملكها علي بن مهدي سنة أربع وخمسين وانقرض أمر آل نجاح والملك لله [الخبر عن دولة بنى الزريع بعدن من دعاة العبيديين باليمن وأولية أمرهم ومصايره] وعدن هذه من أمنع مدائن اليمن وهي على ضفة البحر الهندي وما زالت بلد تجارة من عهد التبابعة وأكثر بنائهم بالاخصاص ولذلك يطرقها الحرير كثيرا وكانت صدر الاسلام دار ملك لبنى معن ينتسبون إلى معن بن زائدة ملكوها من أيام المأمون وامتنعوا على بنى زياد وقنعوا منهم بالخطبة والسكة ولما استولى الداعي علي بن محمد الصليحي رعى لهم ذمام العروبية وقرر عليهم ضريبة يعطونها ثم أخرجهم منها ابنه أحمد المكرم وولى عليها بنى المكرم من عشيرة جسم بن يام من همذان وكانوا أقرب عشائره إليه فأقامت في ولايتهم زمنا ثم حدثت بينهم الفتنة وانقسموا إلى فئتين بنى مسعود
(٢١٨)