خوارزم شاه عند ما رجع من الهند وملك بلاد آذربيجان وأرمينية فقتلوا بعض أمرائه بمثل قتلهم فسار إلى بلادهم ودوخ نواحي الموت وقد مر ذكره وقلاعهم التي بخراسان خربها واستباحها قتلا ونهبا وكانوا منذ ظهر التتر قد شرهوا على الجهات فأوقع بهم جلال الدين هذه الواقعة سنة ربع وعشرين وستمائة وكافحهم عما سموا إليه من ذلك ولما استفحل أمر التتر سار هولاكو أعوام الخمسين والستمائة من بغداد وخرب قلاعهم وزحف الظاهر بعد ذلك إلى قلاعهم التي بالشأم فخرب كثيرا منها وطوع ما بقي منها وصارت مصيات وغيرها في طاعته وانقرض أمرهم الا مغتالين يستعملهم الملوك في قتل أعدائهم على البعد غدرا ويسمون الفداوية أي الذين يأخذون فدية أنفسهم على الا ستمائة في مقاصد من يستعملهم والله وارث الأرض ومن عليها * (الخبر عن دولة بنى الأخيضر باليمامة من بني حسن) * كان موسى الجون بن عبد الله بن حسن المثنى بن الحسن السبط لما اختفى أخواه محمد وإبراهيم طالبه أبو جعفر المنصور باحضارهما فضمن له ذلك ثم اختفى وعثر عليه المنصور فضربه ألف سوط فلما قتل أخوه محمد المهدى بالمدينة اختفى موسى الجون إلى أن هلك وكان من عقبه إسماعيل وأخوه محمد الأخيضر ابنا يوسف بن إبراهيم بن موسى فخرج إسماعيل في أعراب الحجاز وتسمى السفاك سنة احدى وخمسين ومائتين ثم قصد مكة فهرب عاملها جعفر بسباسات وانتهب منزله ومنازل أصحاب السلطان وقتل جماعة من الجند وأهل مكة وأخذ ما كان حمل للاصلاح من المال وما في الكعبة وخزائنها من الذهب والفضة وأخذ كسوة الكعبة وأخذ من الناس نحوا من مائتي ألف دينار ثم نهبها وخرق بعضها بعضا وأقام في ذلك خمسين يوما ثم سار إلى المدينة فتوارى عاملها وحاصرها حتى مات أهلها جوعا ولم يصل أحد في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصل عساكر المعتز إلى المدينة فافرج عنها ورجع إلى مكة وحاصرها حتى جهدها الحصار ورحل بعد مقامه شهرين إلى جدة فأخذ أموال التجار ونهب ما في مراكبهم ورجع إلى مكة وقد وصل إليها محمد بن عيسى بن المنصور وعيسى بن محمد المخزومي بعثهما المعتز لقتاله فتواقعوا بعرفة واقتتلوا وقتل من الحاج نحو ألف وسلبوا الناس وهربوا إلى مكة وبطل الموقف الا إسماعيل وأصحابه وخطب لنفسه ثم رجع إلى جدة واستباحوها ثانية ثم هلك لسنة من خروجه بالجدري آخر سنة ثنتين وخمسين أيام حرب المستعين والمعتز وكان يتردد بالحجاز منذ ثنتين وعشرين سنة ومات ولم يعقب وولى مكانه أخوه محمد الأخيضر وكان أمن منه بعشرين سنة ونهض إلى اليمامة فملكها واتخذ
(٩٨)