تلاشى أمرهم ففارقه ابن الياس من نيسابور إلى كرمان فاستولى عليها إلى هذه الغاية فأزاله عنها ما كان ولحق بالدينور وأقام ما كان واليا بكرمان بدعوة بنى سامان * (مقتل مرداويچ وملك أخيه وشمكير من بعده) * لما استفحل أمر مرداويچ كما قلنا عتا وتجبر وتتوج بتاج مرصع على هيئة تاج كسرى وجلس على كرسي الذهب وأجلس أكابر قواده على كراسي الفضة واعتزم على قصد العراق وبنى المدائن وقصور كسرى وأن يدعى بشاه وكان له جند من الأتراك كان كثير الإساءة إليهم ويسميهم الشياطين والمرادة فثقلت وطأته على الناس وخرج ليلة الميلاد من سنة ثلاث وعشرين إلى جبال أصفهان وكانوا يسمونها ليلة الوقود لما يضرم فيها من النيران فأمر بجمع الحطب على الجبل من أوله إلى آخره أمثال الجبال والتلال وجمع ألفى طائر من الغربان والحدآت وجعل النفط في أرجلها ليضرم الجبل نارا حتى يضئ الليل واستكثر من أمثال هذا اللعب ثم عمل سماطا للأكل بين يديه فيه مائة فرس ومائتا بقرة وثلاثة آلاف كبش وعشرة آلاف من الدجاج وأنواع الطير وما لا يحصى من أنواع الحلوى وهيأ ذلك كله ليأكل الناس ثم يقوموا إلى مجلس الشرب والندمان فتشعل النيران ثم ركب آخر النهار ليطوف على ذلك كله بنفسه فاحتقره وسخط من تولى ترتيبه ودخل خيمته مغضبا ونام فأرجف القواد بموته فدخل إليه وزيره العميد وأيقظه وعرفه بما الناس فيه فخرج وجلس على السماط وتناول لقمتين ثم ذهب وعاد إلى مكانه فقام في معسكره بظاهر أصفهان ثلاثا لا يظهر للناس ثم قام في اليوم الرابع ليعود إلى قصره بأصفهان فاجتمعت العساكر ببابه وكثر صهيل الخيل ومراحها فاستيقظ لكثرة الضجيج فازداد غضبه وسأل عن أصحاب الدواب فقيل انها للأتراك نزلوا للخدمة وتركوها بين يدي الغلمان فأمر أن تحل عنها السروج وتجعل على ظهور الأتراك ويقودونهم إلى إصطبلات الخيل ومن امتنع من ذلك ضرب فأمسكوا ذلك على أقبح الهيئات واصطنعوا ذلك عليه واتفقوا على الفتك به في الحمام وكان كورتكين يحرسه في خلوته وحمامه فسخطه ذلك اليوم وطرده فلم يتقدم إلى الحرس لمراعاته وداخلوا الخادم الذي يتولى خدمته في الحمام في أن يفقده سلاحه وكان يحمل خنجرا فكسر حديد الخنجر وترك النصاب لمرداويچ فلم يجد له حدا فأغلق باب الحمام ودعمه من ورائه بسرير الخشب الذي كان صاعدا عليه فصعدوا إلى السطح وكسروا الجامات ورموه بالسهام فانحجر في زوايا الحمام وكسروا الباب عليه وقتلوه وكان الذي تولى كبر ذلك جماعة من الأتراك وهم تورون الذي صار بعد ذلك أمير الأمراء ببغداد ويارق بن بقرا خان ومحمود بن نيال الترجمان ويحكم الذي ولى امارة
(٤٢٩)