القمط حتى إذا أشرف على أخذه بعث بطرة إلى بعض الزعماء سر النيل النزول في جواره فأجابه ووشى به لأخيه القمط فكبسه في بيت ذلك الزعيم وقتله سنة ثنتين وسبعين وسبعمائة واستولى القمط على ملك بنى ادفونش أجمع واستنزل ابن أخيه بطرة من قرمونة وقد كان اعتصم بها بعد مهلك أبيه مع وزيره مرتين لبس هو واستقام له ملك قشتالة ونازعه البلنس غالس ملك الإفرنجة بالابن الذي هو من بنت بطرة على عادة العجم في تمليك ابن البنت محتجا بأن القمط لم يكن لرشدة واتصلت الحرب بينهما وشغله ذلك عن المسلمين فامتنعوا من الجزية التي كانت عليهم لمن قبله وهلك هذا القمط سنة احدى وثمانين وسبعمائة فملك ابنه سانجة وفر ابنه الاخر غرمس إلى غرناطة ثم رجع إلى نواحي قشتالة والامر على ذلك لهذا العهد وفتنتهم مع الفنش ملك الفرنج موصولة وعاد يتهم لذلك عن المسلمين مرفوعة والله من ورائهم محيط واما ملك البرتغال بجهة اشبونة غرب الأندلس ومملكته صغيرة وهي من أعمال جليقية وصاحبها لهذا العهد متميز بسمته وملكه مشارك لابن ادفونش في نسبه ولا أدرى كيف يتصل نسبه معهم واما ملك برشلونة بجهة شرق الأندلس فعمالتهم واسعة ومملكتهم كبيرة تشتمل على برشلونة بجهة وارغون وشاطبة وسرقسطة وبلنسية وجزيرة دانية وميورقة وبنورقة ونسبهم في الفرنج وسياق الخبر عن ملكهم ما نقل ابن حبان ان الغوط الذين كانوا بالأندلس كانوا قديما في ملك الفرنج ثم اعتزوا عليهم وامتنعوا ونبذوا إليهم عهدهم وكانت برشلونة من ممالك الفرنج وعمالاتهم فلما جاء الله بالاسلام وكان الفتح قعد الفرنج عن نصر الغوط لتلك العداوة فلما انقضى أمر الغوط زحف المسلمون إلى الفرنج فأزعجوهم عن برشلونة وملكوها ثم تجاوزوا الدروب من ورائها إلى البسائط بالبر الكبير فملكوا من قواعدها جزيرة أربوبة وما إليها من تلك البسائط ثم كانت فترة عند انقراض الدولة الأموية بالمشرق وبداية الدولة العباسية افتتن فيها العرب بالأندلس وانتهز الفرنج فرصتهم فارتجعوا بلادهم إلى برشلونة فملكوها لهذا العهد مائتين من الهجرة وولوا عليهم من قبلهم وصار أمرها راجعا إلى ملك رومة من الفرنجة وهو قار له الأكبر وكان من الجبابرة ثم ركبهم من الخلاف والمنافسة في أوقات ضعفهم واختلاف ملوكهم كالذي ركبه المسلمون من ضعفت يده من الملوك فاقتطع الأمراء نواحيهم بكل جهة فكان ملوك برشلونة هؤلاء ممن اقتطع عمله وكان ملوك بنى أمية لأول دولتهم يتراضون بمهادنة هؤلاء الملوك أهل برشلونة حذرا من مدد صاحب رومة ثم صاحب القسطنطينية من ورائه فلما كانت دولة المنصور بن أبي عامر بين اقطاع برشلونة عن ملك الفرنج شمر المنصور لغزوهم
(١٨٤)