بحث إجمالي حول الاجماع الأمر الأول في حجية الاجماع المنقول:
فقد يظهر من بعضهم ولا سيما المتأخرين كصاحب الرياض، جعله من مصاديق الخبر وانقسامه بأقسامه وان الدليل على حجية الاجماع المنقول بالخبر الواحد، هو الدليل على حجية الخبر الواحد. بل ربما يظهر ذلك من العلامة أيضا، حيث استدل لنجاسة العصير العنبي بان الشيخ (ره) ادعى الاجماع عليها وهو عادل فقوله حجة.
ولا بد قبل البحث في حجيته من بيان معنى الاجماع وحقيقته فنقول:
الاجماع في اللغة يستعمل في معنيين: الأول: العزم، ومنه الحديث: (من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له.) (سنن البيهقي ج 4 ص 202) الثاني: الاتفاق، ويختلف ذلك باختلاف المضاف إليه فيصدق على اتفاق الاثنين والثلاثة وما زاد.
وفي الاصطلاح أيضا يطلق على معنيين مأخوذين من المعنى الثاني:
الأول: ما اصطلح عليه العامة، وهو اتفاق أهل الحل والعقد من أمة محمد صلى الله عليه وآله على امر من الأمور الدينية في عصر واحد. و منشأ هذا الاصطلاح، الحديث الذي رووه عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: (لا تجتمع أمتي على خطأ) أو (على ضلالة.) وظاهره وإن كان اتفاق جميع الأمة إلى يوم القيامة، ولكنهم حملوه على اتفاق العلماء وأهل الحل والعقد منهم في عصر واحد، بداهة ان رأي غير أهل العلم والخبرة لا أثر له في المسائل الدينية فيكون المقصود لا محالة اتفاق أهل الحل والعقد منهم. واتفاق الأمة إلى يوم القيامة أيضا لا يتحقق الا بعد انتهاء الدنيا ووقوع القيامة، فما هو الحجة لا محالة ليس الا اتفاق الموجودين من أهل الحل والعقد من الأمة في عصر واحد لا اتفاق الموجودين والمعدومين من السابقين واللاحقين. وغرضهم إثبات الخلافة بادعاء تحقق الاجماع في العصر الأول. وقال بعضهم: ان المراد به اتفاق الصحابة. وقال مالك: اتفاق أهل المدينة.