فلكونه من رجوع العالم إلى الجاهل.
المقدمة الرابعة: ان ترجيح المرجوع على الراجح قبيح، فلا يجوز بعد بطلان الاحتياط التام الاخذ بالمشكوكات والموهومات وترك المظنونات، فيثبت بذلك وجوب الاخذ بالمظنونات وترك غيرها، انتهى.
وأضاف في الكفاية مقدمة أخرى، جعلها أول المقدمات وهي العلم الاجمالي بوجود واجبات ومحرمات في الشريعة، فصارت المقدمات خمسة.
أقول: قد أطنبوا الكلام في مبحث الانسداد ولا يهمنا التعرض لجميع ما ذكروا فيه، فالأولى ان نتعرض لنكات تنقدح في النفس في ضمن فوائد:
الفائدة الأولى: نقد التمسك بالعلم الاجمالي يمكن ان يورد على المقدمة التي أضافها في الكفاية بوجهين:
الأول: ان العلم الاجمالي ان تعلق بوجود تكاليف فعلية بالغة مرتبة البعث والزجر بحيث علم اهتمام الشارع بها وعدم رضاه بمخالفتها ولو مع الجهل بخصوصياتها وعدم قيام طريق إليها، فمقتضاه لزوم الاحتياط التام ولا مجال للترخيص في تركها وان لزم منه العسر فتجويز الارتكاب بالنسبة إلى بعض الأطراف يرجع إلى عدم العلم بتعلق الإرادة الحتمية بامتثاله وقد عرفت تفصيل ذلك في مبحث العلم الاجمالي.
وان تعلق بوجود تكاليف لم تبلغ هذه المرتبة بل تكون بحيث لو تميزت وعلمت أو قام طريق إليها صارت فعلية ومنجزة، فلا يجب التعرض لامتثالها مع الاشتباه أصلا، فلا تثبت بذلك حجية الظن.
اللهم الا ان يقال: بأنا نعلم بان بعض هذه التكاليف بلغ مرتبة البعث والزجر وعلم بان المولى لا يرضى بتركه وإن كان بعضها الاخر غير بالغ هذه المرتبة، ولكن لا يخفى ان مقتضى ذلك حجية الظن كشفا لا حكومة إذ الظن حينئذ يصير طريقا مجعولا لاحراز هذا البعض وسيأتي فيما بعد تفصيل هذا المعنى . [1] [1] أقول: ربما يختلج بالبال إشكال وهو ان يقال، مع قطع النظر عما يأتي من كون أطراف العلم الاجمالي خصوص المظنونات وما قام عليه الطريق، ان العلم تعلق بوجود تكاليف دائرة بين المحتملات المظنونة والمشكوكة والموهومة بحيث يحتمل كون الجميع في المظنونة ويحتمل كونها في المشكوكة ويحتمل كونها في الموهومة، وإن كان يحتمل التبعيض أيضا، لا ان العلم تعلق بتكاليف يعلم بكون بعضها في المظنونات و