التخيير الشرعي بين أجزائه: أعني الساعات المتحققة بين الحدين، هذه غاية ما يمكن أن يقال في تقريب المنع.
متعلق الحكم في الواجب الموسع نفس الطبيعة لا أفرادها:
وتحقيق الجواب عن ذلك هو أن يقال: إن الزمان المجعول ظرفا للواجب الموسع وإن لم يكن كليا، بل هو كل ذو أجزأ، ولكن المتعلق للتكليف في الواجبات الموسعة كلي ذو أفراد، ولازم ذلك عدم سراية الحكم إلى الخصوصيات الفردية.
بيان ذلك: أن الشارع إذا قال مثلا: (صل من الظهر إلى الغروب) بنحو التوسعة في الوقت، فما هو المتعلق للوجوب عبارة عن طبيعة الصلاة الكلية المقيدة بوقوعها في هذا الزمان الوسيع المحدود بالحدين، فالزمان وإن لم يكن كليا بل هو كل ذو أجزأ، لكن المتعلق للوجوب هو طبيعة الصلاة المقيدة بوقوعها بين الحدين، وهذه الطبيعة المقيدة أمر كلي قابل للانطباق على كثيرين، فمن أفرادها الصلاة التي تقع في الان الأول من الزمان الوسيع، ومن أفرادها الصلاة الواقعة في الان الثاني منه، وهكذا إلى آخره.
وبعبارة أخرى: الزمان المجعول ظرفا وإن لم يكن كليا، ولكن المظروف الذي هو المتعلق للامر كلي قابل للانطباق على كل فرد من الصلوات التي توجد بين الحدين، ونظير ذلك المكان الوسيع إذا جعل ظرفا للفعل الواجب، فإذا قال المولى: يجب عليك الوقوف بعرفات، فنفس (عرفات) ليست كلية، وإنما هي أرض ذات أجزأ خارجية، ولكن الواجب على المكلف عبارة عن طبيعة الوقوف المقيد بعدم خروجه من حدود عرفات، فإذا وقف المكلف في أي جز من عرفات صدق عليه أنه (وقوف بعرفات) صدق الكلي على أفراده، و إن كانت نسبة نفس عرفات إلى هذا الجز نسبة الكل إلى أجزائه، و حيث تبين لك حال ظرف المكان فقس عليه ظرف الزمان، فالواجب من الظهر إلى الغروب هو طبيعة الصلاة المقيدة بعدم خروجها من بين الحدين، وتصدق هي على كل فرد من الصلوات الواقعة بين الحدين صدق الكلي على أفراده وإن كان نفس الزمان كلا بالنسبة إلى كل واحد من أجزائه.
إذا عرفت هذا فنقول: إن الحكم إذا تعلق بطبيعة مهملة قابلة للانطباق على كثيرين فما هو المتعلق للحكم عبارة عن نفس حيثية الطبيعة، ولا يسري إلى واحدة من الخصوصيات الفردية، بداهة عدم دخالتها في الغرض الباعث على الحكم.