الاشكالات الواردة على الاستدلال ب آية النبأ ونقدها:
ان جمعا من القوم كالشيخ في العدة وغيره استشكلوا على الاستدلال بالآية بما حاصله:
ان الحكم بحرمة التبين معلل في الآية بقوله تعالى: (ان تصيبوا قوما بجهالة) والعلة مشتركة بين خبر الفاسق والعادل، وقد حقق في محله ان العلة مخصصة ومعممة ويكون ظاهر التعليل بها دوران الحكم مدارها.
فان قلت: فعلى هذا يصير التقييد بالفسق لغوا.
قلت: قد وقع ذلك لنكتة أخرى ولعله للتنبيه على فسق (الوليد)، فان الآية نزلت حين ما بعث (الوليد) إلى بنى المصطلق لجميع الصدقات منهم فاستقبلوه احتراما، فرجع وأخبر بامتناعهم عن الصدقة لعداوة سابقة بينه وبينهم وكان غرضه تهييج المسلمين لقتالهم. انتهى.
وأجيب عنه: بان المراد بالجهالة هو السفاهة لا عدم العلم ولا سفاهة في العمل بخبر العادل.
ويرد عليه أولا: انه لا وجه لصرف الكلمة عن معناها اللغوي.
وثانيا: بان احتمال كون المراد بالجهالة، عدم العلم يكفي لعدم صحة الاستدلال.
وربما يتوهم ان المفهوم خاص بالنسبة إلى عموم التعليل فيختص به.
ويرد عليه أولا: ان المدعى في المقام، عدم انعقاد ظهور للكلام في المفهوم مع اقتران الحكم بعلة هي أعم من الموضوع.
وثانيا: ان تقديم الخاص على العام، من جهة كونه أظهر منه، فإذا فرض عدم كونه أظهر منه كما في المقام فلا مجال لتقديمه.
نعم يمكن ان يقال في مقام الجواب عن الاشكال، بان العلة أيضا معللة بقوله تعالى:
(فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) فالاعتبار بحصول الندامة من جهة العمل وعدمه والعمل بالحجة الشرعية مما لا تترتب عليه الندامة فلا مانع من الاخذ بالمفهوم فتستفاد منه حجية قول العادل ولا تترتب على العمل به ندامة.
هذا، ولكنه يرد على ذلك، ان المراد بالندامة إن كان هي الندامة الأخروية كما في قوله تعالى: (وأسروا الندامة لما رأوا العذاب) فلما ذكرت وجه من جهة ان الندامة الأخروية تابعة للحرمة