الفصل الأول:
معنى المفهوم المفهوم والمنطوق وصفان للمدلول أو الدلالة؟:
اعلم أن الظاهر من كلمات القوم كونهما وصفين للمدلول بما هو مدلول، لا للدلالة وإن كانت كيفية الدلالة منشئا لاتصافه بهما، و بعبارة أخرى: ينقسم المدلول من اللفظ إلى منطوق ومفهوم، باعتبار انقسام الدلالة إلى نحوين، فنحو خاص منها يسمى مدلوله بالمنطوق، ونحو آخر منها يسمى مدلوله بالمفهوم.
والقول بكونهما وصفين لنفس الدلالة في غاية السخافة، ولا نظن أحدا من القدماء تفوه بذلك، ولعل نظر من جعلهما وصفا لها إلى ما ذكرناه من أن كونهما وصفين للمدلول ليس بلحاظه بذاته، بل باعتبار كونه مدلولا لنحوين من الدلالة.
إنما الاشكال في المقام هو في تشخيص نحوي الدلالة (المنقسم باعتبارهما المدلول إلى المنطوق والمفهوم).
قال الشيخ على ما في تقريرات بحثه ما حاصله: إن دلالة المفردات على معانيها (بأقسامها من المطابقة والتضمن والالتزام) خارجة من المقسم، فلا تتصف مداليلها بالمنطوق ولا بالمفهوم.
وأما دلالة المركبات على معانيها التركيبية فإن كانت بالمطابقة فهي داخلة في المنطوقية بلا إشكال، وإن كانت بالتضمن فالظاهر منهم، وإن كان دخولها في المنطوقية أيضا، ولكن يمكن الاستشكال فيه (بناء على تفسير المفهوم بما يفهم من اللفظ تبعا) فإن المعنى التضمني وإن كان بالذات مقدما على المطابقي، ولكنه متأخر عنه في الاستفادة من اللفظ، بل قد يتصور الكل إجمالا من دون أن يتصور الجز، مثال ذلك ما لو أثبت القيام (الذي هو وضع خاص) لزيد فإنه يفهم منه ضمنا ثبوت بعض هذا الوضع لرأسه مثلا، ولكن الذهن ربما يغفل عنه.