خارج من ذات الاخر مفهوما، ومتحد معه خارجا، فكل واحد منهما عرض ذاتي بالنسبة إلى الاخر، بمعنى أنه لا يكون عينا بالنسبة إلى الاخر، ولا جزا له. وكذلك كل واحد من وصفي الفاعلية و المرفوعية في قولنا: (الفاعل مرفوع) يكون عرضا منطقيا بالنسبة إلى الاخر، وهكذا في جميع مسائل العلوم، فالموضوعات في مسائل كل علم أعراض ذاتية لما هو الجامع بين محمولات مسائله، وليست الموضوعات ذاتية له، إذ الذاتي منحصر في النوع والجنس والفصل بالنسبة إلى النوع المؤلف منهما، ولا تجد مسألة من مسائل العلوم يكون الموضوع فيها نوعا أو جنسا أو فصلا لجامع محمولات مسائل العلم، إذ كل واحد من نوع الشئ وجنسه وفصله البعيد أعم منه، و الفصل القريب مساو لما هو فصل له، مع أنك ترى أن موضوع كل مسألة أخص من جامع محمولات المسائل.
والحاصل: أن الموضوع في كل مسألة عرض بالنسبة إلى جامع محمولات المسائل وبالعكس. غاية الأمر أن المتداول في عقد القضية جعل الأخص موضوعا والأعم محمولا.
المقدمة الخامسة: ان المتداول وإن كان جعل الأخص موضوعا و الأعم محمولا، لكن النظم الطبيعي يقتضي جعل المعلوم من الامرين موضوعا، والمجهول منهما محمولا، فالموضوع بحسب الحقيقة هو المعلوم من الامرين، والمحمول هو تعينه المجهول الذي أريد في القضية إثباته، سواء كان الامر المجهول أعم بالنسبة إلى الموضوع أو مساويا له.
ما هو الجامع بين مسائل العلوم؟
إذا عرفت هذه المقدمات تبين لك أن الحق مع القدماء، حيث قالوا:
إن تمايز العلوم بتمايز الموضوعات، إذ المراد بموضوع العلم هو ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية وليس هو إلا عبارة عن جامع محمولات المسائل، الذي عرفت في المقدمة الثانية أن تمايز العلوم بتمايزه.
ووجه كونه موضوعا أن جامع محمولات المسائل في كل علم هو الذي ينسبق أولا إلى الذهن، ويكون معلوما عنده، فيوضع في وعاء الذهن، ويطلب في العلم تعيناته وتشخصاته التي تعرض له. مثلا في العلم الإلهي بالمعنى الأعم يكون نفس الوجود معلوما لنا وحاضرا في ذهننا، فنطلب في العلم تعيناته وانقساماته اللاحقة له: من الوجوب، والامكان، والجوهرية، والعرضية، والجسمية ونحوها.، فصورة القضية وإن كانت هي قولنا: (الجسم موجود) مثلا، لكن الموضوع حقيقة هو عنوان الموجودية، فمحصل مسائله هو أن الوجود المعلوم لك، من خصوصياته وتعيناته، وصف