ومن هنا اتضح ان الاشكال الذي أورده الشيخ على نفسه في غاية المتانة بدوا، إذ كتب المتكلمين منا مشحونة بالجملة المشار إليها، كما أن جواب الشيخ أيضا جواب حسن فإنه مع اشتهار هذه الجملة ترى أصحابنا الإمامية بأجمعهم من المتكلمين وغيرهم، انهم كانوا يعملون بما وصل إليهم من الأئمة عليهم السلام أو النبي صلى الله عليه وآله بطرق أصحابهم الثقات، كما دل على هذا المعنى كثير من الروايات التي ذكرناها سابقا وغيرها فراجع، فإنهم وان لم يألفوا في بيان حجيتها تصنيفا، ولم يصرحوا بحجيتها قبل الشيخ ولكن العمدة هو استقرار بنائهم على ذلك عملا، فإنها كانت مبنى فقههم فجزى الله الشيخ (قده) عنا خير الجزاء حيث جمع بين ما نرى منهم عملا من العمل باخبار الآحاد الواصلة إليهم من طريق أصحابهم وبين ما أثبتوه في كتبهم الكلامية، من أن اخبار الآحاد لا تفيد علما ولا عملا، كيف ولو لم يتصد لرفع هذا التهافت لبقي هذا الاشكال وأشكل رفعه فراجع (العدة) في المقام، فان مبحث حجية الخبر من أركان الفقه وقد ورد فيه (قده) وحقق فيه بما لا يغنى عنه غيره.
اختلاف العلماء في بيان مراد الشيخ الطوسي : [1] قد ظهر من كلام الشيخ في العدة، انه ادعى إجماع الإمامية على العمل بخبر الواحد، لكن القوم اختلفوا في بيان مراده (قده) فحمل العلامة (قده) كلامه على إرادة حجية خبر العدل الامامي، سواء كان مدونا في الكتب المشهورة المعمول بها عند الأصحاب أم لا؟ وحمله صاحب المعالم تبعا للمحقق في (المعارج) على إرادة حجية الاخبار التي دونها الأصحاب في جوامعهم وعملوا بها في فتاواهم ورسائلهم و استفاد ذلك من استدلاله (قده) في العدة بعد ذكر مختاره، بإجماع الامامية على العمل بالكتب المدونة من قبل الشيعة الحاوية لاخبار الأئمة عليهم السلام وجريان سيرتهم على الاستدلال بها في مخاصماتهم ومناظراتهم في المسائل الفقهية.
أقول: لو كان مراد الشيخ (قده) إثبات حجية هذه الأخبار المدونة في كتب الأصحاب، [1] اعلم أنه تخلل في البين في هذا المقام أيام تعطيل الصيف وبعدها عرض لي سانحة وكسالة عاقت بيني وبين حضور درس الأستاذ مد ظله إلى مبحث دليل الانسداد فاستنسخت من هذا المقام إلى أول الانسداد من جزوة بعض أصدقائي حفظه الله تعالى بتغييرات منى في النظم والترتيب وتصرفات في العبارات فان السلائق مختلفة كما لا يخفى ح - ع - م.