فيما يرجع إلى اعتبارات الماهية، وإذا عرفت ذلك فلنرجع إلى ما كنا فيه.
الاطلاق والتقييد ثبوتا:
إن الطبيعة الواقعة موضوعة للحكم قد تكون جميع أفرادها متساوية النسبة بلحاظ هذا الحكم، فيكون ثابتا لجميع الافراد وساريا بسريان الطبيعة، وقد لا يكون كذلك بل يكون الحكم ثابتا لبعض الافراد، فعلى الأول تتصف الطبيعة بالاطلاق وعلى الثاني بالتقييد، فهذا في الجملة مما لا إشكال فيه.
إنما الاشكال في ملاك الاطلاق والتساوي المذكور بحسب مقام الثبوت والجعل، فالمستفاد من كلام الشيخ (قده) وجملة ممن تبعه أن ملاك الاطلاق والتساوي إنما هو لحاظ السريان، وملاك التقييد لحاظ الطبيعة مع قيد ينضم إليها، وبالجملة يتوقف كل منهما على اللحاظ. قال الشيخ (قده) - على ما في تقريرات بحثه - في مقام بيان الماهية الملحوظة بشرط شي ما حاصله: إنه قد تلاحظ الماهية مع قيد آخر ينضم إليها، وإن كان ذلك القيد هو السريان الذي بلحاظه يشمل الحكم جميع الافراد، وتسمى الماهية حينئذ بالبشرط شي (انتهى).
فمحصل كلام هؤلاء أن اسم الجنس مثلا موضوع للماهية، من حيث هي هي، وهي بذاتها مهملة، فلا بد في كونها مطلقة، بحيث يسري الحكم بسرايتها، من لحاظ الشيوع والسريان في مقام جعلها موضوعة للحكم، فالشياع والسريان كالعرض المفارق للماهية يتوقف ثبوته لها على اللحاظ، فيكون كل واحد من الاطلاق والتقييد أمرا وجوديا يتصف به اللفظ، فاللفظ إذا وقع موضوعا للحكم فإن لوحظ سريان مدلوله ووضع الحكم على الطبيعة السارية سمي مطلقا، وإن انضم إليه قيد آخر وراء السريان، بحيث يمنعه عن السريان سمي مقيدا - هذا بحسب مقام الثبوت. وأما في مقام الاثبات فيتوقف إحراز الاطلاق على وجود دليل يحرز بسببه لحاظ جعل المقسم عبارة عن اللحاظ، كما هو مبنى السيد الأستاذ (مد ظله العالي)، بل على كلا المبنيين.
بتقريب: أن اللحاظ قد يتعلق بالماهية فقط، بحيث لا يتعدى منها، و قد يتعلق بها ويتعدى منها إلى أمر آخر من قيودها الخارجية، وقد يتعلق بها، ويتعدى منها إلى عدم كون قيودها معها، وقد يتعلق بها و يتعدى منها إلى كونها لا بشرط بالنسبة إلى قيودها، فهذا هو اللا بشرط القسمي.
وجه الفساد أن عد القسم الأخير في قبال سائر الاقسام بلا وجه، فإن القيد فيه ذهني، والتقسيم كان بلحاظ القيود الخارجية فقط، وقد عرفت بيانه. ح - ع - م.