الاثبات ليس صورة فرض الامرين، بل المطرح للبحث، هو انه لو كان لنا امر واحد متعلق بطبيعة واحدة كالصلاة - مثلا - وكانت لهذه الطبيعة أجزأ وشرائط وموانع بينها الشارع، ثم حكم الشارع بأنه يجوز للمكلف في صورة خاصة كصورة الاضطرار أو الجهل، الاتيان بنفس هذه الطبيعة المأمور بها بكيفية خاصة مخالفة للكيفية التي بينها أو لا، أو الاتيان بها مقتصرا في مقام إحراز اجزائه وشرائطه على ما أخبر به الثقة أو قام عليه الأصل ثم زال الاضطرار أو الجهل، فهل يجزى ما أتى به المكلف عن الإعادة والقضاء أم لا؟ وبعبارة أخرى:
محل كلامهم في الاجزاء، هو انه لو كان لنا امر واقعي معلوم متعلق بطبيعة ذات أجزأ وشرائط ثم اضطررنا إلى ترك بعض الاجزاء و الشرائط، فحكم الشارع بسقوط ما اضطر إلى تركه أو شككنا في وجود جز أو شرط فقامت الامارة أو الأصل على تحققهما أو شككنا في جزئية شي أو شرطيته فقامت الامارة أو الأصل على عدمهما و حكم الشارع بجواز الاعتماد على هذه الامارة أو الأصل فاعتمد عليه المكلف وعمل على وفق تكليفه حينئذ، فهل يجزى ما أتى به أم لا؟
الاجزاء في الاحكام الاضطرارية والظاهرية:
فإذا عرفت محل البحث، فنقول: ان اللازم أو لا هو الرجوع إلى مقام الاثبات فنظر إلى أن أدلة الاحكام الظاهرية أو الاضطرارية هل تكون ظاهرة في الاجزاء أو لا، فان كانت ظاهرة في الاجزاء نبحث ثانيا في أنه هل يلزم محذور عقلي من الاخذ بهذا الظهور أو لا يلزم؟
فان لزم منه ذلك تركناه والا عملنا على طبق ما تقتضيه ظواهر الأدلة، والمقصود فيما نحن فيه بيان الاجزاء في الاحكام الظاهرية، و اما الاضطرارية فالاجزاء فيها أسهل، فلنشرع في بيان ما تقتضيه ظواهر أدلة الامارات والأصول الواردة في مقام تعيين الوظيفة لمن شك في أجزأ الواجب الواقعي المعلوم وشرائطه وموانعه، فنقول:
ان الشارع الذي أوجب على المكلفين، الاتيان بالصلاة - مثلا - و جعلها (عمود الدين) وبين اجزائها وشرائطها وموانعها، إذا حكم لمن شك في إتيان بعض الاجزاء بوجوب المضي وعدم الاعتناء، أو حكم لمن شك في طهارة لباسه أو بدنه بان (كل شي نظيف حتى يعلم أنه قذر)، أو حكم برفع جزئية السورة مثلا عمن نسيها، أو شك في جزئيتها أو حكم بوجوب العمل بخبر الثقة مثلا فأخبر بطهارة شي أو عدم جزئية شي للصلاة أو غيرها من الواجبات، فهل يكون مفاد هذه الأحكام الظاهرية وجوب العمل على وفق هذه الأمور من دون تصرف في الواقع، أو يكون المستفاد من ظواهر هذه الأدلة كون الصلاة أو الحج أو نحوهما بالنسبة إلى