المبحث السادس:
المرة والتكرار الحق أن صيغة الامر لا تدل على المرة ولا التكرار، سواء فسرا بالفرد و الافراد أو بالدفعة والدفعات. وقد ذكر صاحب الفصول احتمالات في تفسيرهما لا مجال لذكرها فراجع. ووجه عدم الدلالة على واحد منهما ظاهر، فان الطلب الذي هو مدلول الامر يتعلق بنفس الطبيعة اللا بشرط بالنسبة إلى جميع القيود، وهي تجتمع مع ألف شرط، نعم الافراد الطولية لا تقع بأجمعها مصاديق للامتثال لحصول الطبيعة بالأول منها فيسقط الامر قهرا. وأما الافراد العرضية فهل تصير بمجموعها امتثالا واحدا، أو يكون كل منها فردا مستقلا للامتثال، أو هو تابع لقصد الممتثل؟ فيه أقوال ثلاثة.
وما يمكن أن يوجه به القول الأول هو أن الامر يتعلق بنفس الطبيعة، و الخصوصيات الفردية وجهات الامتياز الموجودة في الافراد كلها، خارجة من متعلق التكليف، فما هو المصداق للامتثال فيما نحن فيه هو الطبيعة الجامعة للافراد المعراة عن جميع الخصوصيات الفردية وهي أمر واحد.
وفيه أن الطبيعة الموجودة في الخارج تتكثر بتكثر أفرادها لكونها أمرا لا يأبى الوحدة ولا الكثرة، والقول بكون الطبيعة الموجودة في الخارج موجودة بوجود وحداني، وإن تكثرت أفرادها ضعيف في الغاية.
وأما القول الثالث فقد اختاره شيخنا الأستاذ المحقق الخراساني [1] و لكنه بحسب الظاهر لا وجه له، فأظهر الأقوال هو القول الثاني. ثم إن الفور والتراخي أيضا مثل المرة والتكرار في عدم دلالة الامر على واحد منهما، فافهم.
[1] لعله (قده) اختار هذا القول في أثناء درسه، وإلا فلم نجده في الكفاية. ح - ع - م.