قوله (إرشاد) حيث قال فيه ما حاصله: إن بساطة مفهوم المشتق لا تنافي كونه مركبا بالتحليل العقلي، فإن المعنى الواحد البسيط قد يحلله العقل إلى أجزأ فإنه فاتق كل جمع ورتق (انتهى).
أقول: إن النزاع بين المحقق الشريف وبين خصمه ليس في بساطة مفهوم المشتق وتركبه عند النظر إليه إجمالا، بل في بساطته و تركبه عند التحليل العقلي والنظر الدقيق الفلسفي، كيف ولا ينسب إلى البلهاء أيضا النزاع في أن مفهوم المشتق هل هو بسيط أو مركب عند النظر الاجمالي والمسامحي؟ فكيف ينسب إلى المحققين و المدققين؟
الأمر الثاني: الفرق بين المشتق ومبدئه ثم إنه بعد ما ذكر من عدم أخذ الذات ولا النسبة في مفاهيم المشتقات، وكونها دالة على نفس حيثية المبدأ، بقي وجه الفرق بينها وبين المبادي، ووجه صحة حملها على الذوات وعدم صحة حمل المبادي عليها مع كونهما بمعنى واحد. وقد ذكروا في بيان الفرق بينهما أن مفهوم المشتق وإن كان متحدا مع مفهوم المبدأ بحسب الحقيقة، و لكن يفترقان بحسب الاعتبار، فمفهوم المشتق قد أخذ لا بشرط، و مفهوم المبدأ مأخوذ بشرط لا، وصرحوا بأن المراد من (اللا بشرطية) و (البشرط لائية) هنا إنما يكون بحسب الحمل.
أقول: ليس المراد منهما هاهنا ما ذكروه في باب اعتبارات الماهية: من أنها قد تؤخذ بشرط لا، وقد تؤخذ بشرط شي، وقد تؤخذ لا بشرط، بل المقصود هنا ما ذكروه في بيان الفرق بين الجنس والفصل، وبين المادة والصورة، من أخذ الأولين لا بشرط والأخيرتين بشرط لا. فالأولى عطف عنان الكلام إلى بيان ما ذكروه في ذلك المقام، حتى يتضح به ما نحن فيه أقسام المركبات:
إن المركبات على قسمين:
1 - ما يكون تركيبه انضماميا، ومعنى التركيب الانضمامي أن يكون كل جز من أجزأ المركب موجودا مستقلا مغايرا للجز الاخر في مقام الوجود والتحصل، ولكن اعتبر اتحادهما، فتكون وحدة المركب وحدة اعتبارية، مثل الدار والمدرسة مثلا، فإن كل واحد من أجزائهما مغاير لسائر الاجزاء حقيقة، ولكن عين الاعتبار تنظر إلى جميع الأجزاء بنظر الوحدة، ففي هذا القسم من التركيب لا يصح حمل بعض الاجزاء على غيره، ولا حملها على الكل، ولا حمل الكل عليها،