بإجماعهم على العمل بها، صار مرجع كلامه إلى المصادرة . [1] وبعبارة، أخرى ان أريد بالاجماع، اتفاقهم على العمل بكل واحد واحد من هذه الأخبار فهو معلوم الخلاف. وان أريد الاتفاق على العمل بما عملوا به لزم المصادرة. فان معنى حجية الخبر ليست الا جواز العمل به، فالاجماع على عملهم بالاخبار ليس الا عبارة عن إجماعهم على الحجية، وعلى هذا يصير محصل كلامه، ان الاخبار التي في هذه الكتب و عمل بها الأصحاب حجة لأنها حجة، فتأمل.
والانصاف ان مراد الشيخ الطوسي (قده) هو ما فهمه العلامة وقواه الشيخ الأنصاري في الفرائد أيضا.
نقد كلام الشيخ الطوسي في العدة:
ولكن هنا شي وهو ان ظاهر كلامه في العدة بملاحظة القيود التي اعتبرها في موضوع الحجية، كون حجيته بتأسيس من الشارع و تعبد منه وكون بناء الأصحاب على العمل بها، كاشفا عن ورود التعبد بها من قبله وهذا ينافي ما مر منا من رجوع جميع أدلة حجية الخبر حتى بناء الأصحاب على العمل بها إلى جريان سيرة العقلا بما هم عقلا على العمل بخبر الثقة وانها الدليل العمدة في هذا الباب و الأدلة النقلية أيضا وردت إمضاء لها وليست بصدد التأسيس أصلا، إذ من جملتها، آية النبأ ويستفاد منها ان بناء الناس كان على العمل حتى بخبر الفاسق أيضا، غاية الأمر، ردع الشارع إياهم عن العمل بهذا القسم وتقريرهم في العمل بخبر العدل، وكذلك ساير الآيات، لا يستفاد منها أكثر من إمضاء سيرة العقلا وهكذا الاجماعات التي قررها الشيخ في الرسائل، إذ قلنا إن مرجع جميعها إلى جريان سيرة العقلا بما هم عقلا.
فالواجب تأويل كلام الشيخ (قده) بما لا ينافي ما ذكرنا.
تأويل كلام الشيخ في العدة:
يمكن ان يقال: بأنه (قده) أراد بذكر القيود في كلامه، تعيين الصغرى وليس فيه بصدد بيان أصل الكبرى التي جرت عليها السيرة.
[1] لم يظهر لي وجه كونه مصادرة، إذ المدعى حجيتها لنا، والدليل حجيتها عند الأصحاب، فلا يتحدان ح - ع - م.