نحوها فالصلاة في جميعها عبارة عن حقيقة واحدة والا للزم الاشتراك اللفظي كما لا يخفى.
تصوير آخر للجز الندبي ونقده:
ثم إن بعض من عاصرناه من الأعاظم، كان بصدد تصوير الجز الندبي بنحو اخر فقال:
يمكن ان يكون الصادر من المولى أمران: أحدهما وجوبي تعلق بمجموع التسعة الفاقدة للقنوت مثلا، والاخر ندبي تعلق بمجموع العشرة التي هي عبارة عن هذه التسعة بإضافة القنوت وحيث إن متعلق الأمر الوجوبي داخل في ضمن متعلق الأمر الندبي، فالاتي بالعشرة يمتثل أمرين والآتي بالتسعة يمتثل امرا واحدا.
فقلت له: ان الصلاة عبارة عن أي الطبيعتين؟ فان كانت عبارة عن التسعة فيلزم ان لا يكون القنوت جز منها وان كانت عبارة عن العشرة فيلزم عدم جواز ترك القنوت وكذا اللازمين باطلان فلا محيص عن القول بكونها طبيعة مشككة كما عرفت.
ولو أبيت عن تصوير الجز الندبي بما ذكرنا حتى يرتفع إشكال قصد الوجه، فنقول:
ان الاحتياط في هذا الجز المردد بين الوجوب والاستحباب وإن كان يوجب الاخلال بقصد الوجه في هذا الجز ولكنا نقطع بعدم اعتباره في تحقق العبادة. والشاهد على ذلك، ان سيرة النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام كانت في بيان الواجبات و المستحبات بسياق واحد حتى في المقامات التي كانوا فيها بصدد بيان تمام ما هو المعتبر في العبادة كما في خبر حماد المتضمن لصلاته عند الإمام عليه السلام وصلاة الامام له لبيان ما هو المعتبر فيها.
وبالجملة: فكثيرا ما كانوا يذكرون الأجزاء الواجبة والمستحبة بسياق واحد ولم ينبهوا على ما هو الواجب منها وما هو المستحب مع كونهم بصدد البيان، بل كان المرسوم في كتب الفقه إلى زمن الشيخ (قده) أيضا ذكر الواجبات والمستحبات بالاختلاط من دون اشعار بوجوب بعضها واستحباب البعض الاخر، وأول من ميز بينهما هو الشيخ (قده).
فيعلم من ذلك كله، عدم دخالة قصد الوجه في صحة الاجزاء كما لا يخفى على من تتبع.
هذا كله فيما إذا ثبتت جزئية الشئ للواجب وشك بين كونه وجوبيا أو ندبيا، فقد تبين لك إمكان قصد الوجوب الضمني في هذا الجز كما في سائر الأجزاء فلا يوجب الاحتياط، الاخلال بشئ مما يحتمل اعتباره في العبادة.
واما غير هذه الصورة من صور الاحتياط في العبادة فليس الاشكال فيها مربوطا بمسألة