يوجب فعله.
قلت: قد عرفت ان كلا من الأمر والنهي يتعلق بالفعل ولا أثر للترك أصلا وتفسير النهي بطلب الترك مسامحة، إذ حقيقته، الزجر عن الفعل، فالاعتبار في كلا البابين بنفس الفعل ونسيان نفس الفعل يمكن ان يصير مبدأ التركة ولا يمكن ان يصير مبدأ لايجاده، فمعنى ترك الواجب عن نسيان، صيرورة نفسه منسيا واما صدور الحرام وإيجاده عن نسيان فلا يراد به صيرورة نفس الفعل منسيا بل يراد به نسيان امر اخر كما عرفت.
ثم إن الظاهر من قوله: (رفع النسيان)، هو كون النسيان في عالم التشريع كالعدم وان المنة على العباد أوجبت فرض نسيانهم ك (لا نسيان)، وعلى هذا فيشمل كلا البابين ومقتضى ذلك كون نسيان الفعل سببا لرفع الفعل باعتبار حكمه وهو الوجوب ونسيان الترك أيضا سببا لرفع الفعل باعتبار حكمه وهو الحرمة، فالفعل الموجد بسبب نسيان نهى المولى مثلا مرفوع في عالم التشريع ويكون وجوده شرعا منزلا منزلة العدم فلا حرمة له ولا مانعية ولا قاطعية، والفعل المنسي أي المتروك بسبب النسيان مرفوع بحكمه من الوجوب وما ينتزع منه من الجزئية ونحوها.
اما دلالة الحديث على فرض الموجود، بسبب النسيان معدوما في عالم التشريع، فواضحة سواء كان النهي المتعلق به نفسيا أو غيريا.
واما دلالته على رفع أثر الفعل المنسي، فالظاهر عدم الاشكال فيها أيضا لما عرفت من أن سوق الحديث الوارد في مقام الامتنان على الأمة هو فرض نسيانهم ك (لا نسيان) مطلقا، غاية الأمر بالنسبة إلى خصوص الأحكام الشرعية وما يترتب عليها من المؤاخذة، فيكون المرفوع أولا وبالذات مثل الحرمة والوجوب وما ينتزع منهما ولازم رفعها عدم استحقاق العقوبة قهرا.
المنسي اما واجب نفسي أو ضمني؟:
ثم إن الفعل المنسي اما ان يكون واجبا نفسيا واما ان يكون واجبا ضمنيا كالجز والشرط فهنا مقامان:
المقام الأول:
فيما إذا نسي الاتيان بالواجب النفسي كما إذا ترك الصلاة في تمام الوقت نسيانا أو ترك الصوم الواجب كذلك فمقتضى الحديث رفع الوجوب ويترتب عليه عدم استحقاق المؤاخذة ويرتفع في مثل الصوم حكم الكفارة مثلا، واما القضاء في باب الصلاة فالظاهر عدم رفع وجوبه لا لما ذكره الشيخ من أن موضوع القضاء وهو الفوت امر وجودي فرفع الترك لا يثبت