المقام الذي أقدم العبد باختياره على ما يتعقبه العصيان.
ولا فرق في هذه الصورة أيضا بين كون الفعل الاختياري مباحا أو حراما.
هذا كله مما لا إشكال فيه.
إنما الاشكال فيما إذا كان المحرم المضطر إليه بسوء الاختيار مما انحصر فيه التخلص من الحرام كالخروج من الدار المغصوبة، فهل يصير حينئذ مأمورا به فقط، كما اختاره الشيخ، أو مع جريان حكم المعصية عليه، أو منهيا عنه فقط، أو مأمورا به ومنهيا عنه، أو لا يكون مأمورا به ولا منهيا عنه لكنه يجري عليه حكم المعصية كما اختاره في الكفاية. فيه وجوه بل أقوال، واختيار أحدها في غاية الاشكال، فإن القول بكون مثل الخروج منهيا عنه لا يخلو عن محذور، إذ العبد إن أراد امتثال هذا النهي وترك الخروج لوقع في المحذور الأشد وهو البقاء في دار الغير. والقول بكونه مأمورا به أيضا في غاية الاشكال، إذ الخروج مصداق للتصرف في ملك الغير، وهل يمكن الالتزام بكون الداخل في ملك الغير للتفريح مثلا والخارج منه بعد قضاء الحاجة من دون ندامة على فعله ممتثلا لامر المولى مطيعا له حين الخروج، بحيث تكون حركاته الخروجية الواقعة عن تفريح أيضا محبوبة للمولى وامتثالا لامره مع كونها تصرفا في ملك الغير بغير إذنه، وأشكل منهما هو الالتزام بكونه مأمورا به ومنهيا عنه معا حتى يصير من مصاديق مبحث الاجتماع، كما اختاره أبو هاشم و تبعه المحقق القمي، فإن الاجتماع إنما يجوز فيما إذا كان هنا عنوانان، وكانت في البين مندوحة وما نحن فيه ليس كذلك، فهو أسوأ حالا من باب الاجتماع، وحكمه أشكل من حكمه.
هل يجري الترتب في المسألة؟:
وهنا احتمال سادس وهو الالتزام بالترتب، بتقريب: أن الغصب بجميع أنحائه من الدخول والبقاء والخروج محرم، لا بهذه العناوين، بل بما هو غصب وتصرف في مال الغير، ولكن التصرف الخروجي لما صار في رتبة عصيان النهي ذا مصلحة ومعنونا بعنوان حسن صار مأمورا به في هذه الرتبة فهو منهي عنه بنحو الاطلاق، ومأمور به في رتبة عصيان النهي وعدم تأثيره في نفس المكلف. ولكن يرد على ذلك أن الالتزام بالترتب إنما هو فيما إذا كان هنا حكمان متزاحمان وكان أحدهما - من حيث الملاك - أهم فيصير الأهم - من جهة أهمية ملاكه - فعليا بنحو الاطلاق، والمهم فعليا في ظرف عصيان الأهم، كما في الصلاة والإزالة فإن لكل منهما