الاجماع في المسائل الفقهية الأصلية المبتنية على النقل حجة، ووزانه وزان نقل الخبر عن الأئمة عليهم السلام.
واما في المسائل التفريعية المبتنية على النظر والاجتهاد، فليس بحجة، لأنه اخبار عن حدس الناقل واستنباطه.
فان قلت: إذا كان مقصود الشيخ وأمثاله من الاجماع، قول الإمام عليه السلام لا الاجماع الاصطلاحي فلم نرى كثيرا منهم يذكرون بعد نقل الاجماع اخبار المسألة أيضا ولا يكتفون بذكر الاجماع؟.
والشيخ أيضا يتمسك في المسائل الخلافية بإجماع الفرقة واخبارهم، فهذا يدل على أن المقصود بالاجماع غير الأخبار الواردة.
قلت: ذكرهم للاخبار بعد الاجماع لبيان مدرك الاجماع المدعى وان ادعاء الاجماع مستند إلى هذه الأخبار.
واما الشيخ في الخلاف، فلعله أراد باستدلاله الدارج في الخلاف في قبال العامة بيان ان في المسألة دليلين: إجماع الفرقة أعني قول الإمام المعصوم والاخبار المروية عن النبي صلى الله عليه وآله التي لم تذكر في جوامعهم الحديثية ووصلت إلينا بواسطة الأئمة عليهم السلام، ففي الحقيقة أقام في المسألة دليلين: قول الإمام والسنة النبوية. وقد ورد في أخبارنا ان روايات أئمتنا وصلت إليهم من النبي صلى الله عليه وآله ويجوز روايتها عنه صلى الله عليه وآله. ففي الوسائل (ج 18 ص 58) بسنده عن هشام بن سالم وحماد بن عثمان و غيره قالوا: سمعنا أبا عبد الله عليه السلام يقول: (حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدي، وحديث جدي حديث الحسين، وحديث الحسين حديث الحسن، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين، وحديث أمير المؤمنين حديث رسول الله صلى الله عليه وآله، وحديث رسول الله صلى الله عليه وآله قول الله عز وجل.) ثم إنه يظهر من الشيخ (ره) في الرسائل: ان نقل الاجماع مطلقا مشتمل على نقل الكاشف والمنكشف معا. وقد ظهر مما ذكرنا خلاف ذلك، إذ بعض الاجماعات المنقولة مشتمل على نقل المنكشف، أعني قول الإمام فقط كإجماعات الشيخ في الخلاف كما مر بيانه، وبعضها مشتمل على نقل الكاشف، أعني أقوال العلماء فقط، نظير كثير من إجماعات العلامة في التذكرة مثل قوله: (أجمع علماء الاسلام على كذا) إذ ليس المقصود منه الا اتفاق جميع علماء الاسلام من العامة والخاصة نظير ادعاء أحد أرباب الفنون اتفاق علماء فنه في مسألة من مسائل الفن، فليس نظر الناقل الا نقل فتوى جميع أهل الفن. ففي الحقيقة نقل موضوعا يمكن ان يستكشف منه قول الإمام بالملازمة أو الحدس.