والحاصل: ان الظاهر من هذه العبارة كون متابعة القطع بما هي تتصف بالوجوب وليس هذا الوجوب وجوبا شرعيا بل هو إلزام عقلي يحكم به كل عاقل، سواء في ذلك نفس القاطع وغيره وهذا الحكم من العقل من توابع حكمه بكون القطع منجزا للواقع بحيث لا يكون العبد معذورا في مخالفة الواقع مع إصابة قطعه.
قيام الطرق مقام القطع في تنجيز الواقع:
فإذا عرفت ذلك وتبين لك معنى تنجيز القطع فنقول: يقوم مقام القطع في تنجيز الواقع جميع الطرق الشرعية المجعولة لاحراز الواقع كخبر الواحد والبينة وكذا إيجاب الاحتياط بل الاستصحاب أيضا على ما هو الحق عندنا كما يأتي في محله. فبعد حكم الشارع بوجوب العمل بخبر الواحد يصير الخبر منجزا للواقع بمعنى عدم كون العبد معذورا في مخالفته إذا كان الخبر مصادفا للواقع وخالفه العبد. و كذلك معنى تنجيز الاستصحاب للواقع فان العبد يعاقب على مخالفة الواقع فيما إذا خالف الاستصحاب وكان مصادفا، فالثواب و العقاب في الاحكام الطريقية يدوران مدار مخالفة الواقع لا مخالفة أنفسها.
وبالجملة: فجميع تلك الأحكام الظاهرية تشترك مع القطع في تنجيز الواقع. ولا فرق في القطع أيضا بين التفصيلي والاجمالي في ذلك فإذا علم إجمالا بوجوب هذا أو ذاك، يلزمه العقل إتيان كلا الطرفين لا من جهة كون كل طرف واجبا عليه بنفسه بل من جهة حكمه بكون الواقع منجزا، سواء أكان في هذا الطرف أم في ذاك ولا يكون العبد معذورا في مخالفته في أي طرف كان.
نعم، قد يتفق في بعض الموارد عدم صلاحية العلم الاجمالي لتنجيز الواقع على بعض التقادير أو مطلقا.
وان شئت تفصيل ذلك، فنقول:
إذا تعلق العلم الاجمالي بجنس التكليف أعني مطلق الالزام فصوره أربع:
1 - ان يتردد الامر بين وجوب هذا أو ذاك.
2 - ان يتردد الامر بين حرمة هذا أو ذاك.
3 - ان يتردد بين وجوب شي وحرمة شي آخر.
4 - ان يتردد بين وجوب شي وحرمة هذا الشئ.