الفائدة الخامسة: ما هو المرفوع في أدلة نفي الضرر قال الشيخ (قده) ما حاصله:
ان المرفوع في (لا ضرر) وفي (ما جعل عليكم في الدين من حرج) وإن كان نفسهما ظاهرا ولكن المراد نفى الحكم الذي يأتي من قبله الضرر والعسر، فالحكم الذي يأتي من قبل وجوده ضرر وحرج قد رفع وجوده وليس بمجعول وما يلزم من عدمه الضرر قد رفع عدمه فصار وجوده مجعولا، فأدلة رفعهما حاكمة على أدلة الأحكام الواقعية.
وقال المحقق الخراساني ما حاصله: ان القاعدتين لا تكونان حاكمتين على قاعدة الاحتياط فان التحقيق في مثل (لا حرج) و (لا ضرر) تحقق نفى الحكم بلسان نفى الموضوع فلا حكومة لهما على الاحتياط العسر إذا كان بحكم العقل لعدم العسر في متعلق التكليف الشرعي.
نعم لو كان مفاده نفى الحكم الذي ينشأ من قبله العسر كما قيل لكانت قاعدة نفيه محكمة على الاحتياط العسر أيضا. انتهى.
أقول: ما ذكره (قده) من كون المراد فيهما نفى الحكم بلسان نفى الموضوع فاسد جدا، فان الموضوع في مثل (لا ضرر) هو عنوان الضرر وليس المراد ب (لا ضرر)، رفع الحكم الثابت لهذا العنوان، بل المراد به رفع الأحكام الثابتة لعناوين أخرى بسبب طريان الضرر مثل الحرمة الثابتة لعنوان شرب الخمر والوجوب الثابت لعنوان الوضوء.
نعم كلامه (قده) صحيح في مثل (رفع ما لا يعلمون) و (ما استكرهوا عليه) و (ما اضطروا إليه) فان الرفع فيها لم يتعلق بعنوان عدم العلم والاستكراه والاضطرار، بل بالعناوين الواقعية التي طرأت عليها هذه العناوين أعني بها موضوعات الأحكام الواقعية، فيصدق فيها ادعاء كون رفع الحكم بلسان نفى الموضوع.
والسر في ذلك، هو ما حققناه في الأصول في معنى الموصول من كونه قسما من أسماء الإشارة وانه وضع للإشارة به إلى ما يثبت له عنوان الصلة، فان كانت ثابتة عند المتكلم والمخاطب لشئ خاص معهود بينهما كان الموصول إشارة إلى هذا الشئ، وان لم تكن في البين معهودية يشير إلى كل ماله صلاحية لانطباق عنوان الصلة عليه، فان الصلة قد أتى بها معرفة ومميزة للمشار إليه بالموصول، فإذا لم يكن ثبوتها لشخص خاص معهودا بينهما فلا محالة يكون المراد بالموصول كل من ثبتت له الصلة ولذلك يعد الموصول في عداد ألفاظ العموم، فالرفع في الحديث