بسم الله الرحمن الرحيم كلمة المقرر:
الحمد لله الذي خلق الانسان علمه البيان، ثم هداه بالفطرة التي فطره عليها إلى أصول الدين ومسالك الايمان، وأوضح له بالسفراء المقربين معالم الايقان وسبل الرضوان. والصلاة والسلام على نبيه المبعوث لتمهيد قواعد الاسلام وتبيين ضوابط الاحكام محمد صلى الله عليه وآله وعلى آله الهداة المهديين، وأوصيائه الكرام الطيبين، ما دامت كلماتهم المكنونة لتوضيح قوانين الدين معدة، وفرائد آثارهم الباقية لتشريح حقائق الاسلام ذخيرة وعدة.
وبعد، فيقول العبد المفتقر إلى رحمة ربه الغني، حسين علي المنتظري النجف آبادي: لا يخفى أن علم أصول الفقه علم شريف، يحتاج إليه كل من تصدى لاستنباط الأحكام الشرعية من مداركها وأطلق عنان فكره في طرق الجهاد والاجتهاد لتنقيح المسائل الفقهية وتقييد شواردها، فإنه الموضوع لبيان ما هو الحجة في إثبات الاحكام، وبه يعرف حال الاخبار المروية عن سيد الأنام وأوصيائه الكرام، وحال سائر الأدلة الشرعية والأصول العملية، التي عليها بني أساس الفقه وعلى قطبها تدور رحاه.
وكم قد صنف فيه الأعاظم والاجلاء من علمائنا الامامية، فرتبوا فصوله، ونقحوا مسائله، وشيدوا أركانه ودعائمه، ولكنه بمرور الزمان، قد تغذى بعروقه المتشعبة من سائر العلوم المتشتتة، بحيث قد أفرط فيه الباحثون، وكبر حجم الكتب المؤلفة فيه. وصارت أمهات المسائل المبتلى بها كالضالة في أثناء سائر المسائل، بنحو يعسر افتقادها والاطلاع عليها، وكم سلكوا في توضيح مسائله سبلا شتى، كلها بعيدة عن أصل المقصود بمراحل، وبقيت أصول المسائل غير منقحة، كما كانت في الأوائل.
إلى أن انتهت رئاسة الشيعة الإمامية، وزعامة حوزاتهم العلمية، إلى قطب فلك الفقاهة والاجتهاد، ومركز دائرة البحث والانتقاد، جامع المعقول والمنقول، وحاوي الفروع والأصول، زبدة