بتجافي أحدهما عن مرتبته وهو امر غير معقول. ولا يخفى أن الحكم الظاهري متأخر عن لحكم الواقعي بمرتبتين لتأخره عن موضوعه - أعني الشك - والشك متأخر عن متعلقه - أعني لحكم الواقعي - و لازم ذلك انحفاظ الواقع في جميع المراتب بإطلاقه الذاتي، وليس للحكم الظاهري أن يتصرف في إطلاقه أو عمومه، وإذا لم يمكن تصرفه في الواقع حتى تكون حكومته حكومة واقعية، فلا محالة تكون الحكومة بلحاظ الظاهر وبحسب مقام الاثبات، ولازم ذلك جواز ترتيب آثار الواقع على المؤدي ما لم ينكشف الخلاف، وإذا انكشف الواقع ينكشف عدم واجدية العمل لما شرط فيه واعتبر، إذ الفرض بقاء الواقع بحسب مقام الثبوت على ما هو عليه (انتهى).
الجواب عن الاشكال الخامس:
عمدة الاشكال في باب الاجزاء عبارة عن هذا الاشكال، ولكن الظاهر عدم وروده أيضا، فإن الخطاب الواقعي - أعني ما دل على شرطية الطهارة مثلا للصلاة - وإن كان مطلقا غير مقيد بالعلم والجهل ومقتضاه بطلان الصلاة المأتي بها في النجاسة الواقعية، ولكن بعد ورود قوله: (كل شي نظيف) الناظر إلى وجوب ترتيب آثار الطهارة - التي من جملتها جواز الصلاة - على المشكوك فيه، و ظهوره في أن العمل الذي يؤتى به في المشكوك فيه يصير منطبقا للعنوان المأمور به، يجب رفع اليد عن إطلاق الحكم الواقعي وحمله على الانشائية المحضة، والحكم بسقوط الطهارة من الشرطية في صورة الجهل والشك وإن كان فيها اقتضاء الشرطية.
والوجه في ذلك - مضافا إلى أن ظهور مثل قوله: (كل شي نظيف) فيما ذكرنا أقوى من ظهور ما دل على الشرطية المطلقة للطهارة الواقعية، ولازم ذلك تحكيمه عليه وحمله على الانشائية المحضة - أن القول بكون الحكومة في المقام حكومة واقعية مما لا بد منه، وإلا لزم رفع اليد عن الحكم الظاهري رأسا، فإن المفروض - فيما نحن فيه - علم المكلف بوجوب الصلاة عليه مشروطة بالطهارة، ولولا جعل الشارع للطهارة الظاهرية، كان ملزما بإتيان الصلاة بشرطها و حينئذ فإما أن يقال: بعدم جعل الشارع للطهارة الظاهرية بالنسبة إلى هذا الشخص العالم بوجوب الصلاة عليه، وإما أن يقال: بجعله لها بالنسبة إلى هذا الشخص أيضا، لا مجال للاحتمال الأول للزوم الخروج من الفرض، وعلى الثاني يجب القول بالاجزاء وقناعة الشارع - في امتثال أمره المعلوم - بإتيان متعلقه في المشكوك فيه أيضا، فإنه لا معنى لجعل الطهارة الظاهرية لهذا الشخص إلا جواز إتيانه ما أمر به مع هذه الطهارة وصيرورة عمله منطبقا للعنوان المأمور به.
ولا يمكن أن يكون جعل الحكم الظاهري بالنسبة إلى هذا الشخص لغرض المنجزية أو